ارتفع الدين الخارجي لمصر إلى 161.2 مليار دولار بنهاية الربع الرابع من العام المالي 2024/ 2025، مقارنة بنحو 156.7 مليار دولار في الربع الثالث، الذي ينتهي في مارس 2025، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري.

 

ويمثل ذلك زيادة قدرها 4.5 مليار دولار خلال ثلاثة أشهر، بعد فترة من التذبذب النسبي في إجمالي الدين الخارجي خلال العامين الماضيين.

 

وبحسب بيانات المركزي، بلغت ديون حكومة الانقلاب نحو 81.99 مليار دولار في نهاية العام المالي 2025/2024، تمثل نحو نصف إجمالي الدين الخارجي، وجميعها ذات طبيعة طويلة الأجل.

 

وتتوزع بين قروض بقيمة 50.9 مليار دولار وسندات دولية بقيمة 28.7 مليار دولار، إضافة إلى حصة محدودة من حقوق السحب الخاصة لدى صندوق النقد الدولي بلغت نحو 2.3 مليار دولار.

 

وفي 22 أكتوبر الجاري، أعلن الاتحاد الأوروبي أثناء استقبال قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي ببروكسل عن حزمة تمويل بقيمة 7.4 مليار يورو لمصر، فيما اُعتبر بمثابة شريان حياة اقتصادي في وقتٍ لا تزال فيه الديون والتحديات تُثقل كاهل حكومة الانقلاب، بحسب موقع "ذا نورث أفريكا جورنال".

 

حزمة تمويل الاتحاد الأوروبي

 

وتُعد حزمة التمويل من الاتحاد الأوروبي الأكبر على الإطلاق التي تُمنح لدولة غير عضو في الاتحاد، وتشمل 5 مليارات يورو كقروض ميسرة، و1.8 مليار يورو كصناديق استثمار مختلطة، و600 مليون يورو كمنح مباشرة.

 

وأفاد الاتحاد بأن هذا التمويل سيعزز استقرار الاقتصاد الكلي في مصر، ويدعم مشاريع الطاقة والتحول الأخضر، ويساعد في إدارة تدفقات الهجرة. وقد تم بالفعل صرف حوالي مليار يورو من شريحة القرض في إطار المساعدات المالية الكلية الحالية من الاتحاد الأوروبي، بالتوافق مع برنامج صندوق النقد الدولي الجاري تنفيذه.

 

وأكد مسؤولون أوروبيون أن الطبيعة الميسرة للقروض - بأسعار فائدة أقل من أسعار السوق - ستحد من العبء المالي على المدى القريب. ومع ذلك، فإن جزءًا كبيرًا من مبلغ الـ 5 مليارات يورو يُضاف مباشرةً إلى رصيد الدين الخارجي لمصر، مما يرفع إجمالي الالتزامات إلى ما يُقدر بـ 265-268 مليار دولار بحلول نهاية عام 2025.

 

ديون مصر

 

يبلغ الدين العام المصري حاليًا ما يقارب 85-89 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي من أعلى النسب في العالم العربي.

 

وتشير البيانات الرسمية للبنك المركزي إلى أن إجمالي الالتزامات سيبلغ 260 مليار دولار في منتصف عام 2025، بما في ذلك 155 مليار دولار أمريكي ديون خارجية. وتستهلك خدمة هذا الدين حوالي 73 بالمائة من الإيرادات السنوية للدولة.

 

وحدد وزير المالية أحمد كوجك، خطة لخفض النسبة إلى 75 بالمائة خلال ثلاث سنوات من خلال تسريع عمليات الخصخصة، وإطالة آجال استحقاق الديون، واستراتيجية جديدة شاملة لإدارة الديون من المقرر الكشف عنها في ديسمبر 2025. وتُخصص الإيرادات من الإدراجات المخطط لها في قطاعات مثل التمويل وإدارة المطارات والطاقة المتجددة لخفض الديون والإنفاق الاجتماعي.

 

العبء المقارن: أين تقف مصر؟

 

عالميًا، تُصنّف مصر فوق متوسط ​​الدول النامية، لكنها أدنى من متوسطات الاقتصادات المتقدمة. ويُظهر تقرير صندوق النقد الدولي لرصد الدين العالمي لعام 2025 أن متوسط ​​ديون الأسواق الناشئة يبلغ حوالي 56 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما يبلغ متوسط ​​ديون الاقتصادات المتقدمة حوالي 110 بالمائة.

 

الدول ذات الدخل المتوسط ​​القابلة للمقارنة: البرازيل (≈ 88 في المائة)، والأردن (≈ 90 في المائة)، والهند (≈ 83 في المائة).

 

البلدان الإقليمية ذات الديون المنخفضة: المغرب (≈ 70 في المائة) وكينيا (≈ 70 في المائة).

 

الحالات الشديدة: لبنان (> 280 في المائة) واليونان (> 160 في المائة).

 

وهذا يضع مصر في وضع حرج: فديونها ليست كارثية، ولكنها ثقيلة وفقًا للمعايير الإقليمية وتشكل تحديًا لاقتصاد يعتمد على التمويل الخارجي وواردات الطاقة المدعومة.

 

الاعتماد الخارجي والضغط المالي

 

يُفاقم هيكل الدين المصري من هشاشة الأوضاع. فحوالي 60 في المائة من ديونها الخارجية بالدولار الأمريكي أو اليورو، مما يجعلها عُرضة لصدمات أسعار الصرف وارتفاع أسعار الفائدة العالمية. ويُقدر صندوق النقد الدولي التزاماتها بالعملة الأجنبية بنحو 95 مليار دولار تستحق قبل عام 2028، وهو ما يُخفف الضغط فقط بفضل استمرار القروض المُيسّرة، كتلك المُقدّمة من الاتحاد الأوروبي وحلفائه الخليجيين.

 

في حين أن حزمة الاتحاد الأوروبي تمنح مصر مزيدًا من الوقت، فإنها تُعمّق أيضًا تورطها في الرقابة المالية الغربية. وترتبط هذه المساعدة بمعايير الحوكمة والشفافية وحقوق الإنسان، وهي شروط تصفها بروكسل بأنها أساسية لـ "الشراكة الشاملة والاستراتيجية".

 

الطريق إلى الأمام: الإصلاح أم الإغاثة؟

 

لا يقتصر التحدي المالي الذي تواجهه مصر على الاقتراض فحسب، بل يشمل أيضًا الكسب. فالعجز التجاري المزمن، وفاتورة أجور القطاع العام الضخمة، وتباطؤ نمو الصادرات، كلها عوامل لا تترك مجالًا واسعًا للتحرك المالي.

 

وتستهدف الاستراتيجية الحكومية الجديدة متوسطة الأجل - التي تجمع بين الخصخصة وتدفقات الاستثمار الأجنبي وآليات مبادلة الديون مع الشركاء الأوروبيين - تخفيفًا تدريجيًا لجدول السداد بدلًا من التخفيض الكامل للديون.

 

بالنسبة للاتحاد الأوروبي، تُبرز مبادرة الـ 7.4 مليار يورو الأهمية الاستراتيجية لمصر: شريك يُدير مسارات الهجرة، ويتوسط في غزة، ويُرسخ الاستقرار الإقليمي.

 

بالنسبة لمصر، تُمثل هذه المبادرة تصويتًا بالثقة وخط ائتمان وقائيًا في آنٍ واحد - جسرًا بين الملاءة المالية قصيرة الأجل والإصلاح طويل الأجل.

 

لن يتوقف استقرار عبء ديون مصر بحلول عام 2028 على السخاء الخارجي، بل على قدرتها على إعادة هيكلة نموذج نموها للاعتماد بشكل أقل على الدعم المقترض، وبشكل أكبر على ناتج محلي مُنتج ومتنوع ومستدام.

 

https://north-africa.com/egypts-debt-diplomacy-how-brussels-became-cairos-latest-creditor-of-confidence/