هبط الذهب إلى أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع أمس الثلاثاء، إذ تراجع الإقبال على المعدن الأصفر باعتباره ملاذا آمنًا بفعل الآمال المنعقدة على إحراز تقدم في محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين، بينما تحول انتباه المستثمرين إلى اجتماع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) بشأن أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

وانخفض الذهب في المعاملات الفورية 0.9 بالمائة مسجلاً 3944.29 دولار للأوقية (الأونصة)، بحلول الساعة 1445 بتوقيت جرينتش، وذلك بعد أن لامس أدنى مستوى له منذ السادس من أكتوبر.

وتراجعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر كانون الأول 1.5 بالمائة إلى 3959.60 دولار للأوقية، وفقًا لوكالة "رويترز".

اتفاق إطاري للتجارة بين الولايات المتحدة والصين

جاء التراجع في أعقاب اتفاق إطاري للتجارة بين الولايات المتحدة والصين في مؤتمر رابطة دول جنوب شرق آسيا، الذي ألغى التهديد الأمريكي بفرض رسوم جمركية على الوارادات الصينية بنسبة 100 بالمائة.

وتشير التوقعات بشأن أسعار الذهب على المدى القريب إلى أن المعدن الأصفر قد ينخفض ​​بنسبة 17 بالمائة أخرى، على الرغم من أن التوقعات طويلة الأجل تظل صعودية.

وهبطت أسعار الذهب إلى ما دون مستوى 4000 دولار يوم الاثنين، وخسرت أكثر من 3 بالمائة بعد أكبر انخفاض يومي منذ عام 2020، حيث قلص المستثمرون مراكز الملاذ الآمن في أعقاب التقدم الكبير في مفاوضات التجارة بين الولايات المتحدة والصين.

لماذا انخفض ​​سعر الذهب اليوم؟

تسارعت عمليات البيع خلال عطلة نهاية الأسبوع بعد أن تمكن المفاوضون الأمريكيون والصينيون خلال اجتماعهم خلال مؤتمر الآسيان في ماليزيا من التوصل إلى اتفاق إطاري يلغي تهديد فرض رسوم جمركية أمريكية بنسبة 100 بالمائة على السلع الصينية، ويضمن تأخيرًا لمدة عام على قيود تصدير المعادن النادرة.

صرح وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت بأن التعريفات الجمركية المقترحة "غير واردة"، مما أدى إلى تقليص علاوة المخاطر الجيوسياسية بشكل كبير والتي دفعت الذهب إلى مستويات قياسية فوق 4380 دولارًا قبل أيام قليلة.

ويتراجع الذهب نتيجةً لانخفاض مخاطر التجارة الدولية، بالتزامن مع ردود فعلٍ متزامنة على التحركات الأخيرة لصناديق الاستثمار المتداولة، كما أوضح ميخال ستاينياك، نائب كبير المحللين في منصة الاستثمار XTB.

وأضاف: "خلال مؤتمر رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في ماليزيا، أسفر اجتماعٌ بين المفاوضين الصينيين والأمريكيين عن اتفاقية عمل تُلغي خطر فرض رسوم جمركية بنسبة 100 بالمائة على المنتجات الصينية، وتهدف إلى تخفيف قيود تصدير المعادن النادرة من الصين إلى الولايات المتحدة".

إلى أي مستوى قد ينخفض ​​الذهب؟

وفقًا لتحليل موقع "فاينانس ماجنتس"، يحقق الذهب أرباحًا بعد تسجيله أعلى مستوياته التاريخية حول مستوى 4,380 دولارًا للأونصة، وهو المستوى الذي استقر عليه من 17 إلى 19 أكتوبر.

في 19 أكتوبر، شهد الذهب تصحيحًا قويًا ليوم واحد، هو الأقوى منذ عام 2020 ، مما أثار موجة بيع ودفع الأسعار في النهاية إلى ما دون العتبة النفسية البالغة 4,000 دولار للأونصة، بعد أن انخفض الذهب بشكل حاد مرة أخرى يوم الاثنين، حيث خسر أكثر من 3 بالمائة.

ارتفاع قياسي للذهب

وارتفع سعر الذهب، الذي لا يدر عائدًا ويستخدم عادة وسيلة للتحوط في أوقات الضبابية، 51 بالمائة منذ بداية هذا العام، مدعومًا بالتوترات الجيوسياسية والتجارية المستمرة، بالإضافة إلى توقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية.

وقال جيم ويكوف كبير المحللين في كيتكو ميتالز "انحسر التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين بشكل ملحوظ، مع احتمال التوصل إلى اتفاقية تجارية في وقت لاحق من هذا الأسبوع بعد اجتماع قمة بين الرئيسين شي وترامب. وهذا ينذر بانخفاض أسعار المعادن الثمينة التي تعتبر ملاذًا آمنًا".

ووضع كبار المسؤولين الاقتصاديين في الصين والولايات المتحدة في مطلع الأسبوع اللمسات الأخيرة على إطار عمل لاتفاقية محتملة ليراجعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينج في اجتماعهما المرتقب يوم الخميس.

وأثارت الآمال المنعقدة على انحسار التوتر التجاري تفاؤلاً في الأسواق العالمية، إذ تحوم العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأمريكية قرب مستويات قياسية بعد صعودها في الجلستين السابقتين.

ويترقب المستثمرون أيضًا نتائج اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الاتحادي الذي ينعقد على مدى يومين وينتهي غدًا الأربعاء. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يُخفض البنك المركزي الأمريكي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية.

توقعات متضاربة

مع ذلك تبقى توقعات المعدن الأصفر الذي يعد ملاذًا آمنًا غير واضحة، إذ يتوقع بعض المحللين استمرار ارتفاع أسعاره بينما يتسم آخرون بقدر أكبر من الحذر.

وتوقع الاجتماع السنوي لجمعية سوق السبائك في لندن أن تصل أسعار الذهب إلى 4980 دولارا للأوقية خلال الاثني عشر شهرًا القادمة، بينما خفضت كل من سيتي وكابيتال إيكونوميكس توقعاتهما لأسعار الذهب أمس الاثنين.

وقال بنك أوف أمريكا في مذكرة "السوق أصبحت في حالة شراء مفرطة مما أدى في النهاية إلى تصحيح هذا الأسبوع"، مضيفًا أن الذهب يقترب من توقعاته السلبية البالغة 3800 دولار للأوقية في الربع الرابع.