يخوض المصريون صراعات لا تنتهي في مواجهة غول التضخم الذي يلتهم دخولهم، ويؤثر على حياتهم وأحوالهم المعيشية بشكل كبير، دون أن تظهر في الأفق بوادر تحسن، على الرغم من التصريحات الوردية لحكومة الانقلاب التي تزف نجاحات وإنجازات وهمية، لا أثر لها في الواقع على تحسن الحالة الاقتصادية، حتى باتت سلع أساسية خارج أولويات المواطن، في ظل عجزائها عن مواكبة الارتفاع في أسعارها.
وشهدت أسعار الخضراوات في مصر، ارتفاعًا مدفوعًا برفع أسعار الوقود مؤخرًا بقيمة جنيهين في اللتر الواحد، وهي الزيادة الثانية من نوعها خلال العام الجاري، نظرًا لاعتمادها بشكل أساسي على حركة النقل، وسط اتهامات إلى التجار باستغلال الزيادة لرفع الأسعار إلى مستويات غير عادلة، في ظل انعدام الرقابة على الأسواق، مما يضع المواطن بين مطرقة زيادة أسعار الوقود، وسندان ارتفاع أسعار السلع.
ويقول مواطنون إن الارتفاع طال جميع أسعار الخضراوات خلال الفترة الأخيرة، مما يشكل عبئًا متزايدًا عليهم في تغطية تكلفة الاحتياجات الأساسية للمعيشة، ناهيك عن الزيادة في أسعار مواد البقالة، واللحوم، إضافة إلى غاز الطهي، على الرغم من محاولة حكومة الانقلاب التهوين من تداعيات زيادة ارتفاع أسعار الوقود، وغسل يدها من أية محاولات لاستغلال الزيادة في رفع أسعار كثير من السلع الأساسية.
وفقًا للأسعار المعلنة بسوق العبور للجملة، أمس الأربعاء، تراوح سعر الطماطم من 5 إلى 13 جنيهًا، والبطاطس من 4 إلى 16 جنيهًا، البصل الأبيض من 8 إلى 12 جنيهًا، البصل الأحمر من 7 إلى 9.5 جنيهات، الكوسة من 10 إلى 18 جنيهًا، الجزر بدون عروش من 8 إلى 10 جنيهات، الفاصوليا من 15 إلى 30 جنيهًا، الباذنجان البلدي من 7 إلى 12 جنيهًا، الباذنجان الرومي من 6 إلى 12 جنيهًا، الباذنجان الأبيض من 9 إلى 15 جنيهًا، فلفل رومي بلدي من 9 إلى 15 جنيهًا، الملوخية من 6 إلى 9 جنيهات، خيار صوب من 11 إلى 15 جنيهًا، خيار بلدي من 7 إلى 11 جنيهًا، البامية من 20 إلى 40 جنيهًا، والسبانخ من 13 إلى 17 جنيهًا.
زيادة في تكلفة الإنتاج
وقال حاتم النجيب نائب رئيس شعبة الخضراوات والفاكهة باتحاد الغرف التجارية، إن أسعار الخضراوات والفاكهة تُحدَّد من خلال آليات العرض والطلب، مشيرًا إلى أن كمية المعروض من الإنتاج هو المؤشر الوحيد لانخفاض أو ارتفاع الأسعار في السوق.
وأوضح أنه قد تكون هناك بعض الارتفاعات في تكلفة الإنتاج، لكن الموسم الشتوي الحالي الذي يدخل للأسواق موجود بالفعل، إلا أنه بعد الموسم الشتوي ستكون هناك زيادة في تكلفة الإنتاج.
وأكد أن أغلب مدخلات الإنتاج في العملية الزراعية تعمل بالسولار، داعيًا إلى تقديم الدعم للمزارعين سواء بشكل مباشر أو غير مباشر من جانب وزارة الزراعة.
زيادة أسعار النقل
وقال أحمد الزيني، رئيس جمعية نقل البضائع بالسيارات، إن الزيادة المتوقعة في أسعار النقل لن تتجاوز 20 بالمائة بعد قرار تحريك أسعار الوقود، الأمر الذي سيكون تأثير على أسعار السلع.
وأشار إلى أن الزيادة في تكلفة النقل لا تمثل سوى نسبة ضئيلة جدًا من سعر أي سلعة، محذرًا من استغلال هذه الزيادة كذريعة لرفع الأسعار بشكل غير مبرر.
وأضاف الزيني، أن تكلفة نقل السكر أو الخضروات أو الفاكهة يجب لأا تتعدى 5 قروش في الكيلو كحد أقصى، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في استغلال بعض التجار لهذه الذريعة، ويرفعون أسعار السلع بنسبة تصل إلى 20 بالمائة، بينما الزيادة الفعلية لا تمثل 3 بالمائة من سعر السلعة.
وأكد الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن حرية السوق لا تعني رفع الأسعار بشكل عشوائي دون معايير أو ضوابط، موضحًا أن الأسواق الحرة في العالم تخضع لقواعد تنظيمية صارمة، وهو ما يجب تطبيقه في مصر لضمان عدالة المنافسة واستقرار الأسعار.
أسعار اللحوم
ووصلت أسعار اللحوم الحمراء إلى مستويات تفوق مقدرة كثير من المواطنين، مما يدفع بالبعض إلى التوقف عن تناولها، والبحث عن بدائل أرخص.
وتراوحت أسعار اللحوم الكندوز بين 400 و420 جنيهًا للكيلو، واللحوم البتلو بين 360 و415 جنيهًا للكيلو، واللحوم البلدي من 400 إلى 450 جنيهًا للكيلو، وعرق الفلتو نحو 430 جنيهًا للكيلو، والكبدة البلدي بين 400 و450 جنيهًا للكيلو، وكيلو اللحوم المفروم ما بين 330 و440 جنيهًا، واللحوم الضأن بين 440 و500 جنيهًا للكيلو، كيلو اللحم الجملي بين 290 و340 جنيهًا.
وسجلت أسعار الدواجن البيضاء في البورصة بين 62 و63 جنيهًا للكيلو، لتباع للمستهلك بسعر يتراوح بين 72 و73 جنيهًا. وبلغ سعر الدواجن البلدية في البورصة 110 جنيهات، تباع للمستهلك بـ 120 جنيهًا للكيلو.
وسجل سعر كرتونة البيض الأحمر نحو 147 جنيها جملة، وتباع للمستهلك بـ 157 جنيها. وبلغ سعر كرتونة البيض الأبيض 145 جنيها جملة، وللمستهلك 155 جنيها.
تبريرات حكومة الانقلاب
اللافت أنه على الرغم من الشكاوى المتزايدة من جانب المواطنين، وتحذيرات الخبراء من ارتفاع أسعار السلع بشكل عشوائي، إلا أن حكومة الانقلاب تحاول التكتيم على ذلك عبر الادعاء بأن الأسعار لم تسجل ارتفاعات كما يشكو المواطنون.
مصطفى مدبولي رئيس حكومة الانقلاب قال إنه لم تكن هناك زيادة في أسعار السلع أعقاب رفع أسعار الوقود، داعيًا المحافظين إلى المتابعة لحركة الأسواق وأسعار السلع، مشددًا على أهمية ألا ينعكس تحريك في أسعار المواد البترولية والوقود على زيادة أسعار السلع بشكل غير مبرر وبدون وجه حق.
الواقع يؤكد أن مدبولي يبيع الوهم للمصريين ويعمل على محاولة تهدئة غضبهم المكتوم، في ظل انفلات الأسعار داخل السوق المحلية، محاولاً تجميل صورة الحكومة التي فقدت رصيدها حتى بين الموالين للانقلاب، متخلية عن مسؤوليتها في ضبط حركة البيع والشراء، والتصدي لأية محاولات للتلاعب في أسعار السع.

