طالب أكثر من أربعين عضوًا ديمقراطيًا في مجلس الشيوخ الأمريكي، بقيادة السيناتور آدم شيف، الرئيس دونالد ترامب بتأكيد معارضته لأي مساعٍ إسرائيلية لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، في رسالة حصل عليها موقع أكسيوس. جاء هذا الطلب بعد أسابيع من تصريحات ترامب التي شدّد فيها على أنه لن يسمح لإسرائيل بضم أراضٍ من الضفة الغربية، رغم أن هذا البند لم يُدرج في اتفاق السلام الأخير الذي رعته واشنطن والقاهرة وأنقرة والدوحة بين إسرائيل وحركة حماس بشأن قطاع غزة.
الرسالة التي وُجهت إلى البيت الأبيض، ووقّعها جميع الديمقراطيين باستثناء جون فيترمان، عبّرت عن دعم المشرعين لتصريحات ترامب السابقة الرافضة للضم، ودعت إدارته إلى اتخاذ خطوات ملموسة للحفاظ على إمكانية تحقيق حل الدولتين. وجاء في نص الخطاب أن “الوقت الراهن يتطلب من الولايات المتحدة رفض الإجراءات التي قد تقوض فرص الوصول إلى حل تفاوضي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني”. ودعا المشرعون الرئيس إلى أن يشمل موقفه الدبلوماسي الواضح من غزة موقفًا موازياً من الضفة الغربية، حيث تستمر الحكومة الإسرائيلية في الدفع باتجاه فرض السيادة الكاملة على المنطقة.
هذا الموقف الديمقراطي يأتي على خلفية تصاعد الخطاب الإسرائيلي الرسمي المؤيد للضم. ففي سبتمبر الماضي، أعاد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر التهديد بفرض السيادة على الضفة الغربية، متهمًا السلطة الفلسطينية بتشجيع “الإرهاب”. وفي الوقت نفسه، دعا وزير المالية بتسلئيل سموتريتش رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى تطبيق القانون الإسرائيلي على نحو 82% من أراضي الضفة، مع ترك 18% فقط للفلسطينيين، في خطوة فسّرها مراقبون بأنها إنهاء فعلي لأي أمل بقيام دولة فلسطينية مستقلة.
وفي يوليو، دعم الكنيست الإسرائيلي مشروع قانون بأغلبية واسعة ينص على أن الضفة الغربية وغور الأردن جزء لا يتجزأ من “الوطن التاريخي للشعب اليهودي”، ويطالب الحكومة باتخاذ خطوات لتثبيت هذا “الحق التاريخي” المزعوم. كما سبق للمسؤولين الإسرائيليين أن كرروا الدعوة نفسها، حيث صرّح سموتريتش في نوفمبر 2024 أن “عام 2025 سيكون عام السيادة الإسرائيلية في يهودا والسامرة”.
في المقابل، صعّد مشرعون جمهوريون في مجلس النواب الأمريكي خلال فبراير 2025 من دعمهم للمطالب الإسرائيلية، بتقديم مشروع قانون يستبدل مصطلح “الضفة الغربية” في الوثائق الرسمية الأمريكية بتسمية “يهودا والسامرة”. ويعد هذا التحرك محاولة رمزية لمنح الغطاء السياسي الأمريكي للمطالب الإسرائيلية بالسيطرة على الأراضي التي احتلتها عام 1967.
من جهته، أكد الرئيس ترامب في تصريحات حديثة أن بلاده وحلفاءها الإقليميين يراقبون عن كثب تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وقال على منصة “تروث سوشيال” إن بعض الحلفاء في الشرق الأوسط أبدوا استعدادهم لإرسال قوات إلى غزة “لتأديب” حركة حماس إذا استمرت في خرق بنود الاتفاق. وأوضح أنه أبلغ إسرائيل وشركاء واشنطن الإقليميين بأن “الوقت لم يحن بعد” لمواجهة جديدة، معبرًا عن أمله في التزام حماس بالاتفاق، وإلا “ستكون نهايتها سريعة وقوية وقاسية”.
كان ترامب قد أعلن في منتصف أكتوبر عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، تضمن في مرحلته الأولى تبادل المحتجزين وإدخال مساعدات إنسانية عاجلة إلى القطاع، على أن تتبعها مفاوضات تفصيلية حول إدارة غزة ونزع سلاح المقاومة الفلسطينية. لكن هذه الهدنة تواجه تحديات ميدانية، إذ تتهم إسرائيل الحركة بانتهاك “صارخ” للاتفاق بعد تنفيذ هجمات ضد قواتها خارج “الخط الأصفر”، بينما يوثق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة 47 خرقًا إسرائيليًا منذ إعلان انتهاء الحرب، ما يهدد بتقويض الجهود الدولية لتثبيت الاستقرار.
يتزامن هذا المشهد المتوتر مع ضغوط دبلوماسية على الرئيس الأمريكي من داخل المؤسسة التشريعية لإعادة تأكيد التزام واشنطن التقليدي بحل الدولتين. ويبدو أن مستقبل موقف الإدارة الأمريكية من مسألة الضفة الغربية سيتحدد بناءً على توازن حساس بين توجهات الكونغرس، والضغوط الإسرائيلية الداخلية، والظروف الميدانية في غزة. وبينما يسعى ترامب للموازنة بين مصالح واشنطن الإقليمية وتجنّب التصعيد، يزداد القلق داخل الأوساط السياسية الأمريكية من أن أي ضم جديد للضفة الغربية قد يدفن ما تبقى من الأمل في حل الدولتين.

