تحولت إصابة طالبة بخلع في الكتف خلال بطولة مدرسية بمحافظة دمياط من مجرد حادث عرضي إلى مرآة تعكس حجم الإهمال الرسمي المتجذر في مؤسسات الدولة، وتحديدًا في قطاعي التعليم والرياضة. فبينما تغيب سيارات الإسعاف والكوادر الطبية عن الفعالية الرسمية، تُصدر الحكومة بيانات دعائية عن "تطوير التعليم والرياضة" و"تمكين الشباب"، لتثبت الحادثة أن الشعارات لا تنقذ الأرواح.
حادثة دمياط لم تكن استثناءً، بل تكشف عن منظومة متهالكة تحكمها اللامبالاة والفساد الإداري، حيث تُترك حياة الطلاب للمصادفة، في ظل غياب أدنى معايير الأمان والاستعداد للطوارئ. مدربون يستغيثون بلا جدوى، وطالبة تتألم على أرض الملعب دون تدخل طبي، فيما تتحدث وزارة الشباب والتعليم عن “استراتيجيات وطنية” و”رؤية 2030” كأنها تعيش في واقع موازٍ.
"البنت كتفها اتخلع"..
— شبكة رصد (@RassdNewsN) October 12, 2025
استغاثة مدربين في بطولة المدارس بعد إهمال الوزارة للاعبين وعدم وجود طبيب أو سيارة إسعاف في محافظة دمياط pic.twitter.com/pbSwBZxyRR
سجل قاتم من الإهمال القاتل
حادثة دمياط جاءت لتضاف إلى سلسلة طويلة من الكوارث التي تفضح فشل الحكومة في حماية الطلاب:
- كارثة المعتمدية (2022): انهيار جزء من سور سلم خرساني في مدرسة المعتمدية الإعدادية للبنات بكرداسة أدى إلى وفاة طالبة وإصابة 15 أخريات، كاشفًا عن بنية تحتية متهالكة وغياب تام للرقابة.
- مأساة العجوزة: وفاة تلميذة بالصف الثاني الابتدائي إثر سقوطها من الطابق الثالث بمدرسة "سيد الشهداء"، وسط صمت من الوزارة واكتفاء بالتحقيقات الشكلية.
- تدافع أكتوبر (2025): إصابة عشرات الطلاب بسبب غياب التنظيم في مدرسة بمدينة 6 أكتوبر، فيما اكتفت الوزارة بإلقاء اللوم على “الازدحام” دون محاسبة.
بل إن الوزارة اكتفت مؤخرًا بتحذيرات لفظية ضد “تحديات خطيرة” بين الطلاب مثل لعبة “كتم الأنفاس”، دون اتخاذ أي إجراءات واقعية لحماية التلاميذ داخل المدارس.
شعارات الحكومة لا تحمي الطلاب
تتحدث الحكومة عن "الاستراتيجية الوطنية للشباب والرياضة" و"المدرسة الآمنة"، لكن الواقع يُكذب كل هذه الخطابات. مدارس بلا ملاعب، وبطولات بلا إسعاف، وطلاب بلا حماية. ففي دمياط، كما في محافظات أخرى، يعاني الأهالي من تهالك المنشآت التعليمية، ما يدفعهم نحو المدارس الخاصة بحثًا عن الحد الأدنى من الأمان، في حين تُنفق الدولة المليارات على مشروعات ترفيهية ودعائية.
ويؤكد خبراء أن أزمة الرياضة المدرسية هي انعكاس مباشر لفشل حكومي أعمق: فلا بنية تحتية حديثة، ولا ميزانيات كافية، ولا إرادة حقيقية للإصلاح. فبرامج مثل "الرياضة المدرسية الشاملة" و"التطوير المؤسسي" تبقى حبرًا على ورق أمام واقع يشهد سقوط الطلاب وضياع المواهب في ظل غياب التخطيط والرقابة.
فشل حكومي ممنهج
حادثة دمياط ليست سوى عرض لمرض أعمق يتمثل في غياب الدولة عن مسؤولياتها الأساسية. فبينما تُرسل سيارات إسعاف إلى لجان الامتحانات لتأمين “الصور الإعلامية”، تغيب تمامًا عن ساحات الرياضة حيث يتعرض الطلاب لإصابات خطيرة.
إن ما حدث ليس مجرد إهمال عارض، بل سياسة متكررة تكشف انفصال الحكومة عن معاناة الناس، واهتمامها بالمظهر على حساب الجوهر.
لقد صار التعليم والرياضة في مصر ساحة يُختبر فيها فشل الإدارة الحكومية بأوضح صوره، حيث تتحول كل بطولة إلى احتمال مأساة جديدة، وكل وعد بالإصلاح إلى فقاعة إعلامية بلا أثر.