تقترب سجينة الرأي نرمين حسين من إتمام يومها رقم 2000 داخل الزنزانة، وسط ظروف إنسانية وصحية بالغة القسوة. نرمين التي فقدت والدها أثناء احتجازها، تُصارع اليوم للحفاظ على ما تبقى من حياتها النفسية والجسدية، فيما تُكابد والدتها المسنّة رحلة المرض والوحدة، آملة أن ترى ابنتها حرة قبل فوات الأوان.

 

سنوات من الحرمان والخسائر

كانت نرمين عونًا لوالدها في عمله، وذراعه الأيمن في مواجهة قسوة الحياة، قبل أن يتحطم كل شيء لحظة اعتقالها. لم يحتمل الأب وقع الصدمة، فاستسلم للمرض، ورحل تاركًا ابنته بين القضبان وأمها المسنة بلا عائل. منذ ذلك الحين، تعيش الأم صراعًا مع المرض والشيخوخة، لا يخفف منه سوى زيارات شاقة متكررة إلى السجن، محمّلة بالأدوية والملابس والطعام، وكلها تكاليف تثقل كاهلها وحدها.

 

رحلة الاعتقالات المتكررة

ليست هذه المرة الأولى التي تدخل فيها نرمين السجن. فمنذ 2013، تعرّضت لعدة اعتقالات متفرقة، على خلفيات سياسية مرتبطة بتظاهرات ومعارضة سياسات الدولة.

  • 2013: أول اعتقال لها أمام قصر الاتحادية، وأُخلي سبيلها بعد أيام.
  • 2016: اعتقال جديد بسبب احتجاجها على التنازل عن تيران وصنافير.
  • 2018: اقتحام منزل أسرتها والقبض عليها مجددًا، قبل أن تُخلى سبيلها لاحقًا.
  • 2020: اعتقال رابع بينما كان والدها يصارع المرض.
  • 2021 وحتى الآن: أعيد تدويرها على ذمة القضية رقم 65 لسنة 2021، وما تزال رهن الحبس الاحتياطي دون محاكمة، بتهم متكررة تتعلق بـ"نشر أخبار كاذبة" و"إساءة استخدام وسائل التواصل".

 

انتقادات حقوقية واسعة

المنظمات الحقوقية، وعلى رأسها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وثّقت مسار معاناة نرمين، مؤكدة أن ما تتعرض له يُعرف قانونيًا بـ"التدوير"، حيث يُعاد حبسها في قضايا جديدة بنفس الاتهامات بمجرد اقتراب موعد الإفراج عنها، المبادرة شددت على أن استمرار حبسها يخالف نصوص القانون، خاصة المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية، التي تحدد الحد الأقصى للحبس الاحتياطي بعامين فقط.

 

تدهور صحي ونفسي

بحسب إفادات محاميها، تعاني نرمين من أمراض في العظام والمفاصل ومشاكل في التنفس، إلى جانب معاناة صحية نسائية لم تلق أي رعاية طبية مناسبة داخل السجن. أما نفسيًا، فقد انعكست سنوات القهر على حالتها، حيث بدت في الجلسات الأخيرة صامتة يائسة، حتى أنها لم تعد ترد على محاميها بالتحية.

 

شهادات قانونية

المحامي إسلام سلامة وصف استمرار حبسها بأنه "غير قانوني بشكل صارخ"، لافتًا إلى أن المحكمة تجدد حبسها رغم تجاوزه الحد الأقصى المسموح به. وأشار إلى أن الأم، وهي امرأة مسنّة، باتت تتحمل وحدها عبء العمل لتوفير احتياجات ابنتها، إضافة إلى مشقة التنقل بين البساتين ومدينة العاشر من رمضان لإجراء الزيارات.