تواصل سياسات الحكومة في رفع أسعار الوقود وإهمال ضبط الأسواق ضرب حياة المصريين اليومية في تفاصيلها الصغيرة والكبيرة. لم يعد المواطن يعاني فقط من تكلفة المواصلات أو الخضراوات، بل حتى طبق السمك، الذي كان يُعتبر "طعام الفقراء"، صار حلمًا بعيد المنال. تصريحات من داخل شعبة الأسماك بغرفة القاهرة تكشف أن الزيادات الأخيرة في أسعار البنزين والسولار انعكست فورًا على تكلفة المزارع السمكية وأسعار النقل، وهو ما حمّل المستهلك النهائي عبئًا جديدًا، في ظل غياب الرقابة والتخطيط الحكومي.
الوقود يشعل الأسعار... والحكومة غائبة
أكد محمد عبد الحليم، عضو شعبة الأسماك بغرفة القاهرة، أن الأسعار ارتفعت بشكل ملحوظ نتيجة لارتفاع أسعار الوقود، سواء البنزين أو السولار، إذ أن المزارع السمكية تعتمد على الطاقة في تشغيل مضخات المياه والماكينات، كما أن تكلفة النقل ارتفعت بصورة كبيرة. هذا الواقع يكشف أن كل قرار حكومي بزيادة أسعار الوقود لا يقف عند محطة البنزين، بل يمتد أثره إلى موائد المصريين. ورغم ذلك، لم تضع الحكومة أي خطة لتخفيف هذا العبء أو دعم المزارع السمكية.
الحكومة تتحدث عن الإنتاج... والمواطن يعاني من الأسعار
رغم أن شعبة الأسماك تؤكد أن "لا توجد مشكلة في إنتاج الأسماك داخل مصر"، فإن المواطن لا يلمس هذا الاستقرار في السوق. فما قيمة وفرة الإنتاج إذا كانت الأسعار تقفز بلا ضابط ولا رابط بسبب سياسات حكومية عشوائية؟ الحكومة تتباهى بالاكتفاء المحلي بينما تغض الطرف عن الزيادات غير المبررة التي أرهقت الأسر المصرية.
وعود بانخفاض قادم... ولكن من يضمن؟
يرى ممثلو الشعبة أن الأسعار ربما تنخفض في الفترة المقبلة مع زيادة المعروض، مطالبين المواطنين بشراء الأسماك من أسواق الجملة، حيث تكون الأسعار أقل بمقدار الثلث عن المحلات. لكن هذه الوعود لا تصمد أمام حقيقة أن السبب الجوهري في الغلاء ـ وهو رفع أسعار الوقود ـ لا يزال قائمًا، بل مرشحًا لمزيد من التفاقم. المواطن، إذن، يجد نفسه بين نارين: غياب الرقابة الحكومية وارتفاع تكلفة الطاقة.
العرض والطلب شماعة فاشلة
التبرير الدائم بأن "الأسعار تحددها آلية العرض والطلب" أصبح شعارًا مكررًا يخفي وراءه غياب الدولة عن دورها الأساسي في حماية المستهلك. فالتجار يتحكمون في السوق وفق مصالحهم، بينما المواطن يُترك لمصيره في مواجهة موجات غلاء متتالية. الحقيقة أن العرض والطلب وحدهما لا يفسران الأزمة، بل السياسات الحكومية الخاطئة هي الجذر الحقيقي للكارثة.
حتى السمك لم يسلم من التخبط
طبق السمك الذي كان رمزًا للغذاء الشعبي لم يعد في متناول البسطاء، والسبب المباشر هو التخبط الحكومي في ملف الطاقة والرقابة على الأسواق. المواطن لا يحتاج خطابات رسمية ولا وعود إعلامية، بل يحتاج سياسات عادلة توقف نزيف الأسعار وتعيد له حقه في حياة كريمة. وحتى يحدث ذلك، سيظل المصريون يدفعون ثمن الفشل على موائدهم كل يوم.