خطف الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، الأنظار خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين، حين دعا بشكل مباشر وصريح إلى توحيد الجيوش والأسلحة العالمية من أجل تحرير فلسطين. هذه الكلمات جاءت لتشكل موقفًا استثنائيًا في سياق الخطابات الرسمية داخل أروقة المنظمة الدولية، حيث نادرًا ما يتحدث زعماء دول كبرى بهذا القدر من الوضوح ضد الاحتلال الإسرائيلي، وفي ظل تواطؤ أو صمت معظم القوى الغربية الفاعلة.
 

 

كولومبيا تنحاز إلى فلسطين

خطاب بيترو لم يكن مجرد رسالة عاطفية، بل عكس موقفًا سياسيًا متماسكًا يعكس توجه كولومبيا الجديد في ظل رئاسته. فمنذ وصوله إلى الحكم العام الماضي، أعلن بيترو مرارًا أن بلاده لن تكون جزءًا من المعسكرات الصامتة تجاه جرائم الاحتلال، واعتبر أن استمرار المأساة الفلسطينية وصمة عار على جبين المجتمع الدولي. وفي خطابه الأخير، شدد على أن القضية الفلسطينية ليست قضية إقليمية تخص الشرق الأوسط فقط، بل قضية إنسانية كبرى تمس العدالة الدولية وأخلاقيات العالم.

 

بيترو في مواجهة الصمت الدولي

جاءت دعوة الرئيس الكولومبي في لحظة حساسة، حيث تتواصل الحرب في غزة، وتسقط آلاف الضحايا المدنيين وسط دعم غربي غير مشروط لـ"إسرائيل". وفي مقابل هذا الانحياز، لم يجرؤ الكثير من قادة الدول الحليفة للغرب على المطالبة بتحرير فلسطين بشكل صريح. لذا، فإن بيترو بكلماته القاطعة وضع نفسه في مواجهة المنظومة الدولية التي تتغاضى عن الجرائم الإسرائيلية، مؤكدًا أن صمت العالم هو أحد أسباب استمرار المأساة.

 

لغة تتحدى الهيمنة الغربية

اللافت أن بيترو استخدم لغة مباشرة خالية من المواربة الدبلوماسية، إذ قال بوضوح: "يجب تحرير فلسطين"، وأضاف أن على البشرية جمعاء أن تتوحد ضد الاستعمار الجديد المتمثل في الاحتلال الإسرائيلي. وبذلك وضع نفسه في خط مواجهة مع القوى الغربية الكبرى، خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا، اللتين كانتا ولا تزالان داعمتين رئيسيتين للاحتلال. ويشير مراقبون إلى أن هذه اللغة الجريئة قد تدفع واشنطن لمحاولة ممارسة ضغوط على كولومبيا، لكنها في الوقت ذاته تعزز صورة بيترو كزعيم يساري عالمي يجرؤ على قول ما يعجز عنه كثيرون.

 

صدى واسع

داخل الأوساط العربية والفلسطينية، لاقى خطاب بيترو ترحيبًا واسعًا، إذ تداول النشطاء مقاطع كلمته بكثافة على منصات التواصل الاجتماعي، واعتبروه نموذجًا للزعيم الذي ينطق بالحقيقة بلا خوف.

وقد وصفه البعض بأنه "صوت الضمير العالمي"، بينما ذهب آخرون إلى مقارنته بزعماء أميركا اللاتينية التاريخيين الذين تحدوا الهيمنة الغربية مثل هوغو تشافيز وفيديل كاسترو. في غزة والضفة الغربية، حظي خطابه بتغطية كبيرة، حيث رأى فيه كثيرون رسالة دعم معنوي مهم في وقت يواجه فيه الفلسطينيون حصارًا وعدوانًا غير مسبوق.

فقال د. مراد علي " من المفارقات أن يدعو رئيس كولومبيا في خطابه في الأمم المتحدة لتحريك الجيوش لتحرير غزة وفلسطين، بينما محمد عباس يعلن قبوله بدولة دون تسليح. الرئيس الكولومبي أكثر عروبة وأحرص على أهل فلسطين وعلى أطفالنا في غزة من الرئيس الفلسطيني."

 

 

وكتب حساب نحو الحرية " أقوى خطاب يمكن أن تسمعه على الإطلاق! الرئيس الكولومبي يفتح النار على الجميع في الأمم المتحدة: "أدعو دول العالم وشعوبها إلى توحيد جيوشها وأسلحتها لنتجه لتحرير فلسطين وتحرير الإنسانية، إنهم لا يقصفون غزة فقط بل يهددوننا جميعًا وأمريكا مشاركة بهذا التوحش ومسؤولة عنه".وأشارت روان قباص " هل يجرؤ أي زعيم عربي ان يقولها  الرئيس الكولومبي #غوستافو بيترو من على منبر #الأمم_المتحدة: "أدعو دول العالم وشعوبها إلى توحيد جيوشهاوأسلحتها لنتجه لتحرير #فلسطين". #دولة_فلسطين #اليوم_الوطني_عزنا_بطبعنا

 

 

وأضاف حزب تكنو قراط مصر " الرئيس الكولومبي يشعل قاعة الأمم المتحدة ويفتح النار على الجميع: "أدعو دول العالم وشعوبها إلى توحيد جيوشها وأسلحتها لنتجه لتحرير فلسطين وتحرير الإنسانية. إنهم لا يقصفون غزة فقط بل يهددوننا جميعًا… وأمريكا مشاركة بهذا التوحش ومسؤولة عنه." خطاب للتاريخ… صرخة في وجه الصمت العالمي!

 

 

وقالت الأحداث العالمية " الرئيس الكولومبي بيترو: "نحتاج إلى جيش قوي من الدول التي ترفض الإبادة الجماعية. أدعو دول العالم إلى حشد السلاح والجيوش للدفاع عن فلسطين. لقد جُرِّبت الدبلوماسية في غزة، لكنها لم تُفلح في حل الوضع. لقد طفح الكيل، وشعار اليوم هو الحرية أو الموت".

 

وأوضح د. سام يوسف : " الرئيس الكولومبي يفتح النار على الجميع في الأمم المتحدة:"أدعو دول العالم وشعوبها إلى توحيد جيوشها وأسلحتها لنتجه لتحرير فلسطين وتحرير الإنسانية، إنهم لا يقصفون غزة فقط بل يهددوننا جميعًا وأمريكا مشاركة بهذا التوحش ومسؤولة عنه".

 

 

بين الخطاب والواقع

رغم قوة الخطاب، يرى محللون أن التحدي الأكبر يكمن في تحويل هذه الدعوة إلى خطوات عملية. فالدعوة إلى "توحيد الجيوش والأسلحة لتحرير فلسطين" قد تُقرأ رمزياً أكثر من كونها دعوة عسكرية فعلية. لكن ما هو مهم، أن الخطاب أعاد إحياء النقاش العالمي حول مسؤولية المجتمع الدولي في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وأكد أن فلسطين ليست قضية منسية. كما يفتح الباب أمام تحركات سياسية ودبلوماسية أوسع، سواء عبر الجمعية العامة أو من خلال تحالفات دولية جديدة تدفع باتجاه فرض الاعتراف الكامل بدولة فلسطين.

وختاما فإن خطاب الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو في الأمم المتحدة لن يمر مرور الكرام، إذ شكّل لحظة فاصلة في فضح الصمت الدولي والتواطؤ مع الاحتلال. لقد أعاد التأكيد على أن فلسطين ستظل معيارًا لاختبار إنسانية العالم، وأن الشعوب لا تنسى قضايا العدالة مهما طال الزمن. وبينما يواصل الاحتلال سياساته القمعية، يبرز صوت قادم من أميركا اللاتينية ليذكّر العالم بأن الحرية لا تُمنح بل تُنتزع، وأن تحرير فلسطين لم يعد مجرد شعار بل واجب أخلاقي وسياسي عالمي.