أثار الإعلامي الساخر باسم يوسف جدلاً واسعًا بعد فيديو له انتقد فيها اعتراف بريطانيا الأخير بدولة فلسطين، معتبرًا أنه بيع للوهم أكثر من كونه خطوة حقيقية نحو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. يوسف أوضح أن ما جرى لا يعدو كونه "مناورة سياسية" هدفها امتصاص الغضب الشعبي والظهور بمظهر الداعم للسلام، بينما الواقع يكشف أن الاعتراف جاء خاليًا من أي ضمانات أو إجراءات عملية تحدد معالم الدولة أو تحفظ حقوق الفلسطينيين.
https://www.youtube.com/shorts/GfHet9aHgS4
https://x.com/bassem_youssef9/status/1970080477177344169
دولة بلا حدود واضحة
أبرز ما ركّز عليه باسم يوسف هو أن بريطانيا لم تعلن التزامها بحدود الرابع من يونيو 1967، بل سمحت بتفسيرات مفتوحة تتيح لإسرائيل فرض رؤيتها الخاصة. الأخطر أن وزارة الخارجية البريطانية نشرت خريطة مرفقة مع الخبر تُظهر إسرائيل وقد ضمّت إليها كامل الأراضي المحتلة بما في ذلك الجولان السوري والقدس الشرقية والمستوطنات المنتشرة في الضفة الغربية. خريطة وصفها يوسف بأنها "إعلان صريح عن تواطؤ سياسي"، ورسالة تؤكد أن الاعتراف لم يكن أكثر من "ورقة إعلامية" لا تلزم لندن بأي خطوات فعلية.
تجنب القضايا الجوهرية
يوسف اعتبر أن أخطر ما في الاعتراف البريطاني هو تجاهل القضايا الجوهرية التي تحدد وجود الدولة الفلسطينية من عدمه. فملف اللاجئين، وهو حجر الزاوية في القضية، لم يُذكر بأي صيغة. كذلك لم يأتِ الاعتراف على ذكر السيادة على المعابر والمطارات والموانئ، وهي عناصر أساسية لأي كيان سياسي مستقل. حتى القدس، التي يفترض أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية، جاءت في الاعتراف مجرد "قضية تفاوضية"، وهو ما يعني تركها رهينة للابتزاز الإسرائيلي.
مطالبات بإجراءات فعلية
التقرير البريطاني أثار موجة انتقادات في الأوساط العربية والفلسطينية. كثيرون، ومن بينهم محللون وسياسيون، شددوا على أن الاعتراف الحقيقي يجب أن يُترجم إلى إجراءات عملية، أولها:
1. تحديد حدود الدولة الفلسطينية وفق قرارات الأمم المتحدة و1967.
2. وقف بناء المستوطنات وتفكيك القائم منها لأنه يقوّض أي إمكانية لقيام دولة متواصلة جغرافيًا.
3. حسم ملف القدس باعتبارها عاصمة الدولة الفلسطينية.
4. ضمان حق العودة والتعويض للاجئين باعتباره حقًا أصيلاً لا يسقط.
5. تأمين السيادة الكاملة على المعابر والمطارات لتكون الدولة الفلسطينية صاحبة قرار مستقل لا تابعًا أمنيًا لإسرائيل.
بريطانيا والإرث الاستعماري
باسم يوسف ربط ما جرى بالإرث الاستعماري البريطاني في المنطقة، منذ وعد بلفور وحتى اليوم. فبريطانيا –على حد تعبيره– "تبيع الوعود منذ أكثر من قرن"، وهي التي أسست للمأساة الفلسطينية، وتستمر حتى الآن في نهج إدارة الأزمة بدلًا من حلها. ما فعلته لندن، برأي يوسف، لا يختلف عن "وعد جديد" لكنه هذه المرة بلا أثر، يعيد إنتاج نفس السياسات التي أبقت القضية الفلسطينية رهينة التسويف والمماطلة.
خطر التلاعب بالمصطلحات
أحد الجوانب التي ركز عليها يوسف هو خطر التلاعب بالمصطلحات الدبلوماسية. فالاعتراف بدولة "غير محددة المعالم" قد يصبح ورقة بيد إسرائيل لتكريس وقائع الاحتلال. إذ يمكن لاحقًا أن يُسوَّق للعالم أن الفلسطينيين حصلوا على دولة، بينما على الأرض تتآكل هذه الدولة بفعل الاستيطان والجدار العازل والحصار. هذا التلاعب –بحسب يوسف– يهدف إلى إغلاق ملف القضية دون حلّها جذريًا، وتحويل فلسطين إلى مجرد "شعار سياسي" يستخدم عند الحاجة.
وهم لا واقع
في نهاية مقاله، شدد باسم يوسف على أن الفلسطينيين لا يحتاجون إلى اعترافات شكلية بقدر حاجتهم إلى مواقف حقيقية تدعم حقهم في الحرية والسيادة. الاعترافات الفارغة –كما وصفها– قد تلمع صورة بريطانيا دوليًا، لكنها لن تُغيّر شيئًا من واقع الاحتلال اليومي، ولن تعيد اللاجئ إلى أرضه أو تمنح غزة والضفة مقومات دولة حقيقية.