دعا نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، المملكة العربية السعودية إلى فتح صفحة جديدة مع المقاومة تقوم على الحوار وتجاوز الخلافات، مؤكداً أنّ العدو الحقيقي للمنطقة هو إسرائيل، وليس حركات المقاومة.

وقال قاسم في كلمة ألقاها إنّ اقتراحه يأتي "كخطوة عملية علنية لتوفير الوقت والجهد ومنع المتضررين من أتباع أميركا وإسرائيل من إفشال أي تقارب"، مشدداً على أنّه لا بد من قلب المعادلة بحيث يُنظر إلى إسرائيل باعتبارها الخطر الشامل على دول المنطقة وشعوبها.

 

دعوة للحوار مع السعودية
وطرح قاسم أسساً واضحة لأي حوار مقبل، أبرزها أن يكون مبنياً على قناعة مشتركة بأن إسرائيل هي العدو، مع تجميد الخلافات السابقة، والتركيز على مواجهة الاحتلال ومنعه من التمدد.
وأضاف أنّ "سلاح المقاومة موجّه حصراً ضد العدو الإسرائيلي، لا ضد لبنان ولا السعودية ولا أي طرف عربي أو إسلامي"، محذراً من أن أي ضغط على المقاومة يصب في مصلحة إسرائيل وحدها.

وتابع قائلاً: "ندعو إلى تصفية العلاقات مع السعودية على قاعدة أننا لسنا أعداء، ولو اختلفنا في مراحل سابقة، فالمرحلة الحالية تفرض تعاوناً لمواجهة الخطر الإسرائيلي".

كما وجّه رسائل إلى الداخل اللبناني، داعياً القوى السياسية إلى الامتناع عن تقديم "خدمات مجانية لإسرائيل"، مؤكداً أنّ تل أبيب "لن تعير أحداً أي اهتمام إذا توسعت نحو لبنان".
 

المقاومة جزء من معادلة الردع
استشهد قاسم بتجارب حزب الله في مواجهة إسرائيل، سواء في الحرب أو في السياسة الداخلية، مشيراً إلى أنّ الحزب شارك في انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومات وإدارة شؤون البلد.

وأكد أنّ الحوار الوطني يجب أن يكون مدعوماً بتفاهمات كي لا يُستخدم وسيلةً لخدمة الأجندة الإسرائيلية، مضيفاً: "المقاومة مستمرة رغم إرادة أميركا وإسرائيل، وجمهورنا متمسّك بسلاحها لأنه أثبت فعاليته في الردع والتحرير".
 

الحكومة اللبنانية ومسؤولية المواجهة
واعتبر قاسم أنّ من مسؤولية الحكومة اللبنانية مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية بطرق "خارج الصندوق"، متسائلاً: "لماذا لا يُطرح على الجيش اللبناني خطة للتحرير إذا اضطررنا إلى مواجهة إسرائيل؟". وأكد استعداد المقاومة للعمل جنباً إلى جنب مع الجيش "مهما كان قراره، لكن في مواجهة العدو الصهيوني حصراً".

 

انتخابات وإعمار ومواجهة الفساد
تطرّق قاسم إلى ملفات داخلية، مؤكداً أهمية إجراء الانتخابات النيابية في موعدها (مايو 2026)، مع وضع الإعمار ومكافحة الفساد على رأس الأولويات. لكنه اتهم الولايات المتحدة بعرقلة مشاريع الإعمار ضمن سياسة الضغط على لبنان، مشيراً إلى أنّ واشنطن "لا تزوّد الجيش إلا بأسلحة محدودة لإدارة الوضع الداخلي، وتمنعه من الحصول على سلاح يغيّر التوازن مع إسرائيل".
 

المنطقة أمام منعطف خطير
في رؤيته الإقليمية، شدد قاسم على أنّ المنطقة بأكملها أمام منعطف سياسي خطير، لأن المشروع الإسرائيلي، بدعم غربي – بدءاً من بريطانيا وصولاً إلى الولايات المتحدة – يقوم على التوسع وفرض الهيمنة. وقال إنّ "إسرائيل بلغت ذروة التوحش بدعم أميركي مطلق، والمشكلة ليست عدواناً مؤقتاً بل مشروعاً مستمراً يستهدف فلسطين وكل دول المنطقة من لبنان إلى السعودية واليمن وإيران، وصولاً إلى تركيا وغيرها".

وأضاف: "بعد ضربة قطر، اتضح أنّ الاستهداف يشمل المقاومة والأنظمة والشعوب معاً، والخطر الإسرائيلي لم يعد محصوراً بل أصبح شاملاً، وهذا يفرض قلب المعادلة بالكامل".

 

في ذكرى اغتيال إبراهيم عقيل.. إسرائيل تواصل التصعيد
جاء خطاب قاسم في الذكرى السنوية الأولى لاغتيال القيادي في حزب الله إبراهيم عقيل في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، استهدفت اجتماعاً لقادة وحدة "الرضوان"، وأسفرت عن مقتل 18 قيادياً ونحو 50 مدنياً، فيما لا يزال أربعة أشخاص في عداد المفقودين.

وتزامن ذلك مع استمرار إسرائيل في تكثيف غاراتها جنوبي لبنان، إذ سجّل الجنوب أمس سلسلة هجمات جوية، استهدفت إحداها سيارة أمام مستشفى تبنين الحكومي وأوقعت شهيداً و11 جريحاً، بينهم اثنان في حالة حرجة. كما استهدفت غارة أخرى سيارة في بلدة أنصار، ما أسفر عن سقوط شهيد، فيما ألقى طيران الاحتلال قنابل صوتية في بلدة العديسة، وشنّ غارات على أراضٍ مفتوحة في حاروف.

وتشير المعطيات إلى أنّ إسرائيل تجاوزت منذ بدء وقف إطلاق النار في نوفمبر الماضي 4500 خرق، ما يعكس نية واضحة في مواصلة الضغط العسكري والسياسي على الحكومة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله.