سلطت صحيفة معاريف العبرية الضوء على طبيعة العلاقات بين القاهرة وتل أبيب، مؤكدة أن الانتقادات التي يوجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للنظام المصري، لا تستهدف مصر بحد ذاتها، بل تأتي بالأساس في إطار خطاب موجه إلى الرأي العام الداخلي في إسرائيل، بهدف سياسي وإعلامي.

وأوضحت الصحيفة أن حالة الجدل الأخيرة بشأن تحركات الجيش المصري في سيناء ونشر قوات إضافية هناك، لا تعني بأي شكل من الأشكال وجود أزمة حقيقية بين الطرفين، مشيرة إلى أن كل تلك التحركات تتم في إطار تنسيق كامل مع الجيش الإسرائيلي، وأن الاتفاقية الأمنية الموقعة منذ عقود بين البلدين لا تزال صامدة، بل تخضع لمراقبة دقيقة من الأجهزة العسكرية والاستخباراتية في الجانبين.

 

انتقادات مفيدة للقاهرة

وتطرقت معاريف إلى أن التصريحات الانتقادية التي أطلقها نتنياهو، بل وحتى قراره بتجميد التقدم في تنفيذ اتفاقية شراء مصر الغاز الإسرائيلي بقيمة 35 مليار دولار، انعكست بصورة غير متوقعة لصالح القاهرة أكثر مما أضرت بها، إذ منحت النظام المصري مساحة مناورة أوسع أمام الرأي العام العربي والإقليمي، وأظهرت مصر وكأنها في موقع قوة لا ضعف.

 

تحركات محسوبة ومصالح مشتركة

وأكد التقرير أن الجيش المصري شهد خلال العقد الأخير تطورًا ملحوظًا، سواء على صعيد التكنولوجيا أو التسليح، مع صفقات بارزة مثل الغواصات الألمانية الحديثة. ومع ذلك، شددت الصحيفة على أن هذه التطورات "مدروسة ومراقبة" بدقة من قبل إسرائيل والولايات المتحدة، التي تُعد المورد الأساسي للتسليح المصري، مشيرة إلى أن واشنطن لا تسمح بنقل أي منظومات عسكرية استراتيجية إلى القاهرة من دون تنسيق كامل مع تل أبيب.

وتضيف الصحيفة أن ما يُثار بشأن تكثيف القوات المصرية في سيناء لا يعد خرقًا لمعاهدة السلام الموقعة عام 1979، لأن الهدف الرئيس من هذه التغيرات الميدانية هو منع تسلل سكان غزة إلى الأراضي المصرية، وليس تهديد إسرائيل.

 

شراكة استراتيجية راسخة

وركز التقرير على أن العلاقات بين القاهرة وتل أبيب، رغم "برودة السلام" وغياب التضامن الشعبي بينهما، إلا أنها تحمل طابعًا استراتيجيًا متجذرًا، خاصة بعد مرور 45 عامًا على توقيع اتفاقية السلام. فالتعاون يمتد من البحر الأحمر لمواجهة تهديدات الحوثيين، إلى التنسيق الاستخباراتي في إفريقيا، مرورًا بالحرب المشتركة ضد تنظيم داعش في سيناء، وصولًا إلى مواجهة إيران كعدو إقليمي مشترك – بحسب وصف الصحيفة.

 

أهمية خاصة في الشرق الأوسط الجديد

وختمت معاريف بأن أي هزة في العلاقة المصرية – الإسرائيلية قد تضر بتوازنات إقليمية دقيقة، وأن استمرار التنسيق الأمني والسياسي يظل أولوية لكلا الطرفين، لاسيما في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها الشرق الأوسط خلال العامين الماضيين، والتي تجعل القاهرة وتل أبيب في موقع لا يسمح لهما بتبديد مصالحهما المشتركة، -على حد وصف الصحيفة-.