وجّه وزراء خارجية 16 دولة، أمس الثلاثاء، دعوة صريحة لإسرائيل للامتناع عن أي عمل عنيف أو غير قانوني ضد "أسطول الصمود" العالمي، الذي يبحر في مهمة إنسانية لكسر الحصار المفروض على القطاع منذ سنوات، في تطور دبلوماسي بارز يعكس تنامي القلق الدولي إزاء الأوضاع الإنسانية في غزة.
وضم البيان المشترك وزراء خارجية دول من قارات مختلفة، من بينها بنجلاديش، البرازيل، كولومبيا، إندونيسيا، أيرلندا، ليبيا، ماليزيا، جزر المالديف، المكسيك، باكستان، قطر، عُمان، سلوفينيا، جنوب إفريقيا، إسبانيا وتركيا.
وأكد الموقعون أنهم يتابعون بقلق بالغ أمن المشاركين في الأسطول، مشددين على أن أي انتهاك للقانون الدولي الإنساني أو الاعتداء على النشطاء والسفن في المياه الدولية "سيستوجب المساءلة الدولية".
انطلاق من تونس وتحديات لوجستية
وكانت 9 سفن قد انطلقت منذ السبت الماضي من موانئ تونسية مثل سيدي بوسعيد وقمرت وبنزرت، بعد استكمال الإجراءات الجمركية، للالتحاق بالأسطول العالمي، ليصل إجمالي السفن المشاركة إلى 23 من أصل أكثر من 40 سفينة تجمعت في تونس، غالبيتها تونسية. ويعد هذا التجمع جزءاً من "الأسطول المغاربي" المشارك في الحملة.
وأوضح بيان لأسطول الصمود أن المشاركين واجهوا تحديات متعددة خلال الأسابيع الأخيرة، بينها هجمات استهدفت سفن راسية في تونس، إلى جانب مشكلات تنظيمية شملت نقص الوقود وتأخر التجهيزات، الأمر الذي اضطر المنظمين إلى تعديل خطط الانطلاق وتقليص أعداد النشطاء على متن بعض السفن القادمة من إيطاليا واليونان وتونس.
تهديدات إسرائيلية
ويأتي هذا الحراك في ظل تهديدات إسرائيلية معلنة، حيث طرح وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير خطة تقضي باعتقال جميع النشطاء القادمين ضمن الأسطول واحتجازهم في سجون "كتسيعوت" و"دامون" المخصصة عادةً للمعتقلين الأمنيين. وتشمل الخطة فرض ظروف صارمة على النشطاء وحرمانهم من بعض الامتيازات، وهو ما اعتبرته المنظمات الحقوقية انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.
وقد دفعت هذه التهديدات منظمي الحملة إلى تشديد إجراءات الأمن والسلامة، بما في ذلك إعادة تمركز بعض السفن في موانئ بديلة وتنفيذ تدريبات بحرية مكثفة وتحديث بروتوكولات التشغيل.
أهداف إنسانية ورسائل سياسية
وكان الأسطول قد انطلق مطلع سبتمبر من ميناء برشلونة بمشاركة أكثر من 300 ناشط من 44 دولة، قبل أن يتوقف في تونس حيث انضمت إليه سفن إضافية.
ويؤكد القائمون على الحملة أن الهدف الرئيس هو إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وتسليط الضوء على الأزمة الإنسانية المتفاقمة بفعل الحصار الإسرائيلي، إضافة إلى ممارسة ضغط سياسي وأخلاقي على المجتمع الدولي للتدخل.
مخاوف من مواجهة عسكرية
وتتزايد المخاوف من أن يتعرض الأسطول لاعتداء عسكري، خاصة بعد حوادث مشابهة خلال الأشهر الماضية. ففي مايو الماضي، استهدفت إسرائيل بمسيّرات سفينة "الضمير" قرب مالطا، بينما اعترض جيش الاحتلال في يونيو السفينة "مادلين" بعد مغادرتها صقلية واعتقل ركابها، كما واجهت سفينة "حنظلة" المصير ذاته.
ويعتبر مراقبون أن اتساع دائرة التضامن الدولي عبر بيانات رسمية من وزراء خارجية 16 دولة يمثل رسالة ضغط قوية على إسرائيل، مفادها أن أي اعتداء على الأسطول لن يمر دون تبعات سياسية وقانونية.