القمة العربية الإسلامية في الدوحة لم تكن على مستوى دماء غزة ولا حجم الكارثة الإنسانية. في لحظة تاريخية فارقة، حيث تُباد عائلات وتُقصف بيوت فوق رؤوس أصحابها، اكتفت القمة ببيانات شجب وصياغات باهتة، عكست حالة عجز النظام العربي والإسلامي الرسمي. بدلاً من أن تكون منبرًا لاتخاذ قرارات جذرية توقف العدوان وتدعم صمود الفلسطينيين، تحولت القمة إلى منصة لترديد الخطابات المكررة، الأمر الذي فاقم غضب الشعوب التي كانت تتطلع إلى قرارات نوعية تغيّر الواقع على الأرض.

 

توصيات لم ترتقِ لتطلعات الشعوب

البيان الختامي للقمة جاء محبطًا. توصياته دارت في فلك الدعوة إلى "وقف إطلاق النار"، و"إدخال المساعدات الإنسانية"، و"تفعيل آليات المتابعة"، لكنه لم يذهب أبعد من ذلك. لم يتضمن أي قرار بقطع العلاقات مع إسرائيل، ولا تحركًا عمليًا لمحاسبتها في المحاكم الدولية، ولا حتى جدولًا زمنيًا للتنفيذ.

تصريحات الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي كانت أكثر تعبيرًا عن التوجه العام؛ حين قال إن "الظروف غير مواتية لمناقشة تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك"، مشيرًا إلى أن بعض الاتجاهات الشعبية "غير عقلانية". هذه الكلمات عززت الإحباط الشعبي، وكشفت أن القمة لم تكن أصلاً معنية بتحويل الغضب العربي والإسلامي إلى خطوات فعلية، بل بتهدئته وإدارته ضمن حدود ضيقة.

 

غضب شعبي

لم يمر البيان الهزيل مرور الكرام على الرأي العام العربي والإسلامي. الناشطون والصحفيون والمحللون السياسيون عبّروا بوضوح عن صدمتهم من مخرجات القمة، وأطلقوا موجة انتقادات واسعة على منصات التواصل الاجتماعي. تغريداتهم عكست إحساس الشعوب بأن هذه القمم لم تعد تملك أي قيمة عملية، وأنها تحولت إلى مجرد ستار للتغطية على العجز الرسمي.

الصحفية سيلين ساري " إذا كان الذئب قد كسر طبيعته لينقذ صغيرا فكيف سمح العرب لأنفسهم أن يكسروا طبيعتهم في الاتجاه المعاكس فيخذلوا يشاركوا في قتل اطفال #غزة قد يصبح العدو الطبيعي أحيانًا أكثر رحمة من الأخ القريب فأي سقوط أخلاقي وصلنا اليه كعرب و مسلمين".

 

وفي تغريدة أخرى كتبت " لكل المتأملين في اجتماع القمة العربية الاسلامية بالدوحة.. العينة بينة زي ما بيقولوا...  أمين عام مساعد الجامعة العربية «حسام زكي» يقول إن الظروف غير مواتية لمناقشة تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، مشيرا إلى أن بعض الاتجاهات الشعبيية غير عقلانية وقد تذهب بالأوضاع إلى منزلقات"

 

وقال علاشي سعيد " #القمة_العربية_الإسلامية عندما يتولى السفهاء التافهون الزعامة والريادة!! إنه الوطن العربي يا سادة وهذا هو الأمين العام ل #الجامعة_العربية!! فماذا تتوقعون!!".

 

الإعلامي هيثم أبوخليل " هل أكون مبالغًا إذا قلت إن تسريب مشروع بيان القمة العربية الإسلامية الطارئة بتلك الصيغة البائسة والتعيسة والباهتة والفاشلة لم يكن سوى محاولة لطمأنة إسرائيل قبل انعقاد القمة خشية حدوث ردة فعل مفاجئة منها وقصف القمة؟!".

 

الصحفي جلال الورغي " #القمة_العربية_الإسلامية لا نحتاج بيانات..لا نحتاج خطابات..لا نحتاج إدانات..نحتاج - قرارا بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ككيان احتلالي عدواني". - قرارا بوقف الحرب على غزة وكسر الحصار الفوري

 

د. مصطفى جاويش " نستنكر ونشجب وندين #القمة_العربية_الإسلامية #غزه_تباد_وتحرق".

 

الباحث اليمني أنيس منصور " #القمة_العربية_الإسلامية يارب نسمع نتائج وليس فقط شجب وادانة وبيانات والخطبة هي الخطبة والجمعة هي الجمعة إذا لم يتم اتخاذ موقف من الامارات والبحرين قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل . نهائياً وتجريم كل أشكال التطبيع معها والتأكيد على مشروعية مقاومة الاحتلال فتح المعابر لقوافل المساعدات".

 

النجم الرياضي محمد أبوتريكة " "مش عايزين شجب واستنكار .."

 

وقال سعيد العنزي " هزيمة إسرائيل لا تحتاج حربًا ولا صواريخ بل تبدأ بخطوتين واضحتين:  قطع كل العلاقات معها سياسيًا واقتصاديًا منـع مرور أي دعم لها عبر أراضينا أو أجوائنا أو مياهنا من يقتل أطفالنا لا يستحق سفارة، ولا ممرًا آمنًا . #القمة_العربية_الإسلامية #قمة_الدوحة".

 

الصحفي سالم الغيلاني " الوقاحة الإسرائيلية بلغت أقصاها بعدما بلغ خنوع أمة لا إله إلا الله محمدا رسول الله منتهاه فماذا ستفعلين يا قمة ضحكت من عجزها القمم؟".

 

 

النخبة السياسية

في المشهد النقدي للقمة العربية-الإسلامية طفا صوت نخبة من المحللين والمفكرين المعارضين الذين ربطوا بين أداء القمم المتكرر والعجز السياسي العملي. ياسر الزعاترة وصف المشهد العام للقِمم بأنها تكرار لبؤس الأداء الرسمي واعتبر أن البيانات الإنشائية لا تكفي لمواجهة عدوان يهدد الأمن الإقليمي، ودعا إلى موقف عربي أكثر صلابة بدلَ العبارات البروتوكولية.

نظام المهداوي عبّر عبر منصته عن استياء عميق من التشتت الطائفي والسياسي في الموقف العربي، موضّحًا أن الانقسام الداخلي يقوّي من يد الخصم ويضعف قدرة القمم على اتخاذ خطوات عملية تحمي السيادة والمقدسات.

الأكاديمي حسن نافعة، المعروف بنقده المؤسسي لآليات العمل العربي، حذر سابقًا من أن القمم لا تحل الأزمات راهنًا وأن الشعوب لم تعد تضع ثقتها في بيانات روتينية دون آليات تنفيذ واضحة، وهو من دعا إلى إعادة بناء عقد سياسي واجتماعي يضع مصالح الشعوب في المقدمة.

فهمي هويدي انتقد بدوره ما وصفه بـ«الإهانة الرسمية» عندما يفشل الخطاب الرسمي في ترجمة التضامن إلى إجراءات ملموسة، معتبرًا أن استمرار صيغ البيانات يعكس خللاً جذريًا في قيادة الملف العربي.
وأخيرًا وائل قنديل، الصحفي الناقد، استعرض في مقالاته مرارًا هشاشة المواقف الرسمية واصفًا موجة الإدانات المتكررة بأنها «مطبخ بيانات» لا يواجه الواقع العدواني، ودعا إلى إجراءات عملية وحازمة بدل التنديد الرمزي.