أطلق مئات الممثلين والمخرجين والكتّاب والفنيين من مختلف أنحاء العالم حملةً كبرى لمقاطعة المؤسسات السينمائية الإسرائيلية المتورطة في دعم الاحتلال وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني.
المبادرة التي حملت اسم "Film Workers for Palestine" تحولت خلال أيام قليلة إلى واحدة من أوسع الحملات الثقافية التضامنية مع فلسطين منذ اندلاع العدوان الأخير على قطاع غزة، حيث جمعت حتى الآن أكثر من 1200 توقيع، بينهم أسماء لامعة في هوليوود وأوروبا.
توقيعات من الوزن الثقيل
البيان المشترك الذي أطلقته الحملة حمل توقيع نخبة من أبرز نجوم الفن السابع، بينهم أوليفيا كولمان، مارك رافالو، تيلدا سوينتون، خافيير بارديم، ريز أحمد، آفا دوفيرني، ويورغوس لانثيموس.
وأكد الموقعون أن السينما ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل أداة لصياغة الوعي وطرح القيم الإنسانية، وأن اللحظة التاريخية الراهنة تستدعي رفض الصمت أو التواطؤ مع "آلة القتل" في فلسطين.
استلهام تجربة جنوب أفريقيا
المبادرة الجديدة تستلهم تجربة المقاطعة الثقافية التي لعبت دوراً محورياً في إسقاط نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
وينص التعهد على رفض أي تعاون مع مهرجانات أو مؤسسات سينمائية إسرائيلية تتلقى دعماً أو تعمل تحت رعاية الحكومة، مثل مهرجانات القدس وحيفا وتل أبيب (TLVFest) ودكافيف، معتبرة أن استمرار الشراكة مع تلك الجهات هو مشاركة مباشرة في التغطية على جرائم الحرب.
شهادات شخصية وصوت أخلاقي
المخرج البريطاني ديفيد فار، وهو أحد الموقعين، قدّم شهادة مؤثرة قائلاً: "بوصفي حفيد ناجين من المحرقة النازية، أشعر بغضب شديد من إسرائيل التي تفرض منذ عقود نظام أبارتهايد على الفلسطينيين وتصعّد اليوم جرائم الإبادة في غزة.
لا أستطيع السماح لعملي بأن يُعرض أو يُستخدم في إسرائيل. المقاطعة الثقافية كانت سلاحاً فعالاً في جنوب أفريقيا، وستكون كذلك الآن".
مؤسسات لا أفراد
البيان شدد على أن المقاطعة تستهدف المؤسسات المتورطة وليس الأفراد، مشيراً إلى أن المجتمع المدني الفلسطيني وضع إرشادات واضحة تراعي وجود أكثر من مليوني فلسطيني يحملون الجنسية الإسرائيلية، وذلك لتفادي أي خلط بين الشعب والاحتلال.
ردود إسرائيلية ورفض ثقافي عالمي
جمعية المنتجين الإسرائيليين سارعت إلى انتقاد الحملة ووصفتها بـ"المضللة"، زاعمة أن الفنانين الإسرائيليين يساهمون في نقل أصوات متنوعة.
غير أن الموقعين على البيان أكدوا أن "التواطؤ المؤسسي مع الاحتلال لا يمكن تبريره"، وأن أي مهرجان يستمر في الشراكة مع حكومة متهمة بارتكاب جرائم حرب يصبح جزءاً من المشكلة لا من الحل.
حراك فني متصاعد
هذه الخطوة تأتي امتداداً لموجة تضامن فني عالمي مع الفلسطينيين، حيث سبق أن وقع مئات النجوم رسائل مفتوحة تندد بصمت هوليوود، من بينهم خواكين فينيكس، بيدرو باسكال، رالف فاينز، غييرمو ديل تورو.
كما انضمت نقابات فنية أوروبية، مثل جمعية الممثلين النرويجيين، إلى حملة المقاطعة الثقافية.
صوت فلسطين في المحافل العالمية
اللافت أن الحملة تزامنت مع العرض الأول لفيلم "صوت هند رجب"، الذي يروي قصة الطفلة الفلسطينية التي قتلتها قوات الاحتلال في غزة العام الماضي.
الفيلم، الذي شارك في إنتاجه براد بيت، جوناثان غليزر، روني مارا، ألفونسو كوارون، لقي تصفيقاً حاراً استمر 23 دقيقة في مهرجان فينيسيا السينمائي، في مشهد عكس حضوراً متزايداً للرواية الفلسطينية على الساحة الثقافية الدولية.