لم تكتفِ إسرائيل بمجازرها في غزة التي أودت بحياة أكثر من 64 ألف فلسطيني، بل امتدت يدها الغادرة لتلاحق حتى سفن التضامن المتجهة إلى القطاع.
فبعد أن كان من المقرر أن يبحر أسطول "الصمود" الأربعاء من السواحل التونسية نحو غزة، تعرض أحد القوارب لهجوم بطائرة مسيّرة، في مشهد يعكس رعب الاحتلال من أي محاولة لكسر حصاره الوحشي، حتى لو كانت قادمة من نشطاء مدنيين عُزّل.
 

لهب يسقط من السماء وشهود يفضحون الجريمة
شهادات المراسلين وشريط كاميرات المراقبة قطع الشك باليقين.
فقد أكد صحافيون من وكالة الصحافة الفرنسية أنهم شاهدوا القارب المستهدف محاطًا بسفن الأمن التونسية وأضوائها الكاشفة، فيما أظهرت الكاميرات كتلة من اللهب تسقط من السماء مباشرة على سطح السفينة الراسية.

الهجوم لم يسفر عن إصابات، لكنه أطلق رسالة صهيونية واضحة: الاحتلال مستعد لاستهداف المدنيين والمتضامنين أينما كانوا، في جريمة مكتملة الأركان تنتهك كل القوانين الدولية.
 

تضامن شعبي وتحدٍ للاحتلال
لكن الضربة الغادرة لم تُضعف عزيمة الأسطول، بل فجّرت موجة تضامن عارمة. آلاف التونسيين احتشدوا على شاطئ سيدي بوسعيد، رافعين العلم الفلسطيني وهاتفين ضد إسرائيل وأمريكا، في مشهد فضح زيف الدعاية الصهيونية وأكد أن غزة ليست وحدها.
الأسطول يحظى بدعم وفود من 44 دولة، من بينهم الناشطة السويدية غريتا تونبري والسياسية البرتغالية ماريانا مورتاجوا، إضافة إلى نواب وصحافيين وفنانين تونسيين.

هذا الالتفاف الدولي يُحرج إسرائيل ويعريها أمام العالم ككيان جبان لا يطيق حتى مظاهر التضامن السلمي.
 

الاحتلال يلوذ بالصمت
ورغم وضوح الأدلة، رفض جيش الاحتلال الرد على استفسارات الصحافة العالمية بشأن الهجوم، في تكرار لسياسة الإنكار والهروب من المسؤولية.

النشطاء لم يترددوا في الربط بين الاعتداء وبين العدوان المتواصل على غزة، مؤكدين أن الغرض هو تشتيت الانتباه وإفشال المهمة الإنسانية.
ومع ذلك أعلنوا استمرار الاستعداد للإبحار فور تحسن الظروف الجوية، في رسالة تحدٍ مباشر للاحتلال: لن توقفنا مسيراتكم ولا حصاركم.
 

حصار دموي وإبادة جماعية
الحادثة الأخيرة تأتي في ظل حصار خانق يفرضه الكيان الصهيوني على غزة منذ 2007، والذي بلغ ذروته هذا العام بعد إغلاق المعابر ثلاثة أشهر متواصلة ومنع دخول أي إمدادات.
المجاعة تضرب القطاع، وأطفال يموتون من الجوع بينما يواصل الاحتلال جرائمه بدعم أمريكي وصمت غربي مخزٍ.

خبراء حقوقيون وصفوا ما يجري بأنه إبادة جماعية مكتملة الأركان، والهجوم على أسطول "الصمود" لا ينفصل عن هذا السياق الدموي بل هو امتداد له.

وإسرائيل، التي ترفع شعار القوة، أظهرت عجزها وخوفها من قارب مدني يحمل مساعدات إنسانية. ضربت الأسطول، لكنها لم تستطع كسر إرادة المتضامنين ولا إسكات الشعوب.

ما حدث في سيدي بوسعيد لم يكن مجرد اعتداء، بل دليل جديد على أن الكيان يعيش أزمة أخلاقية وسياسية عميقة، وأن حصاره لغزة بات محاصرًا بالوعي الشعبي العالمي.