لم يكن انسحاب منتخب مصر أمام زامبيا في مباراة ودية مجرد "حادثة عابرة" يمكن طي صفحتها ببيان صحفي مقتضب، بل فضيحة كروية تكشف هشاشة الإدارة الفنية بقيادة حسام حسن.
فبينما ينتظر الجمهور تفسيرًا مقنعًا، اختفى المدير الفني خلف ستار الصمت، مكتفيًا بتصدير صورة وبطولة زائفة عبر بيان وُزّع على الصحفيين، وكأنه يريد أن يغطي الشمس بالغربال.
أين حسام حسن من مسؤولياته؟ أين هو من مواجهة الإعلام والجماهير؟ لماذا لم يتجرأ على شرح أسباب الانسحاب؟

الأدهى أن هذا هو نفسه حسام حسن الذي لا يتورع عن تمجيد السلطة وترديد الشعارات باسم السيسي، واصفًا إياه بـ"أب المصريين"، لكنه في مواجهة استحقاق رياضي يخص شرف الكرة المصرية، يتوارى صامتًا، مفضلًا التستر خلف بيانات شكلية.
كيف يستقيم أن ينافق من أجل منصبه، بينما يعجز عن الدفاع عن سمعة المنتخب في مواجهة خصم أفريقي في مباراة ودية، هو في الأساس من طلب لعبها؟ فكيف لو كانت بطولة قارية؟ هل سيعلن عدم لعبها؟

هكذا، ببساطة، حوّل حسام حسن ملفًا رياضيًا إلى بطولة زائفة، عنوانها "رفض التطبيع"، بينما حقيقتها أنه يبحث عن مشهد إعلامي يلمّع صورته المتآكلة.
كيف يُعقل أن يطلب بنفسه المباراة، ثم يتنصل منها بحجة يعرفها منذ البداية؟
 

البطل الورقي الذي يصطنع المعارك
حسام حسن يعلم جيدًا أن مدرب زامبيا هو آفرام غرانت، المعروف بصلاته العلنية بالكيان الصهيوني وبتاريخه في تدريب منتخب إسرائيل.
هذه ليست معلومة خفية، بل أمر منشور وموثق منذ توليه المهمة. إذًا، لماذا سعى حسام لإقامة المباراة أصلًا؟
الجواب واضح: كان يريد أن يهيئ لنفسه مشهدًا دعائيًا يخرج به أمام الكاميرات في هيئة "القائد الوطني" الذي يرفض مواجهة مدرب صهيوني تضامنًا مع غزة.
لكن هذه "البطولة الورقية" لم تقنع أحدًا، لأن التناقض صارخ بين الفعل والقول. كيف تختار الخصم، ثم تدّعي البطولة برفضه؟
 

غياب المبدأ وحضور المصلحة
المفارقة الأشد وضوحًا أن حسام حسن لم يفتح فمه بكلمة عن المجازر اليومية في غزة، ولم يُعبّر عن تضامنه مع الأطفال تحت القصف، أو مع الأسرى، أو مع آلاف المهجّرين قسرًا.
كل ما يفعله هو تمجيد السيسي في مداخلاته التلفزيونية، واصفًا إياه بـ"أب المصريين".
لكن حين سنحت له فرصة لصنع بطولة شخصية، لم يتردد: رفض مباراة يعرف مسبقًا ظروفها، وصدّر نفسه كصوت مقاوم، بينما الحقيقة أنه لا يرى إلا مصلحته، ولا يبحث إلا عن المشهد الذي يحمي منصبه.
 

ماذا لو كانت المباراة رسمية؟
السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه: لو أن المباراة كانت رسمية، ضمن تصفيات كأس الأمم الأفريقية أو في نهائيات البطولة، هل كان حسام حسن سيرفض؟
الجواب الأكيد: لا. كان سيشارك دون تردد، مبررًا أن "الظروف تفرض" وأن "المصلحة الوطنية" تستدعي اللعب، تمامًا كما يفعل كل من يضحون بالمبدأ أمام المصلحة.

إذًا، القضية لم تكن تضامنًا حقيقيًا مع فلسطين، ولا رفضًا للتطبيع، بل مجرد بطولة إعلامية عابرة لاختبار حدود الجماهير واستثمار العاطفة العامة.
 

بين غزة والمصالح الشخصية
بينما تُهدم البيوت في غزة، وتُقصف المستشفيات، ويُهجّر الفلسطينيون قسرًا، يختار حسام حسن أن يلعب لعبته الصغيرة على مسرح الإعلام.
لم يقل كلمة عن أطفال غزة، لكنه لم يتردد في توظيف اسم فلسطين ليصنع بطولة زائفة لنفسه.

إن هذه الازدواجية لا تعكس موقفًا وطنيًا، بقدر ما تكشف عقلية انتهازية تبحث عن المجد الشخصي، حتى ولو على حساب دماء الأبرياء.
لقد اختار أن يوظف القضية، لا أن يدافع عنها، وأن يستثمر في الجراح بدل أن يتضامن معها.
 

حسام حسن ومسرحية البطولة
حسام حسن لم يرفض مباراة زامبيا دفاعًا عن فلسطين، بل ليصنع صورة وهمية عن نفسه.
لقد طلب المباراة، ثم تراجع بحجة كان يعلمها منذ البداية.
هذه ليست بطولة، بل مسرحية مكشوفة. ولو كانت المباراة رسمية، لما تردد لحظة في خوضها، حتى لو كان مدرب الخصم صهيونيًا.

في النهاية، حسام حسن ليس رمزًا للبطولة ولا للتضامن، بل نموذج للمنافق الذي يتاجر بالمواقف، ويغلف فشله ببطولات زائفة، تاركًا غزة وأطفالها لمصيرهم، بينما ينشغل هو بحماية منصبه وصورته الإعلامية.