في كارثة مأساوية ضربت ولاية وسط دارفور، أسفر انزلاق أرضي هائل عن مقتل ما لا يقل عن ١١٠٠ شخص، بينما لا يزال العشرات في عداد المفقودين.
الحادث وقع في الساعات الأولى من الفجر عقب أمطار غزيرة غير مسبوقة أدت إلى تشبع التربة وانهيار التلال المحيطة بقرية صغيرة في منطقة جبل مرة، مما تسبب في ابتلاع القرية بالكامل تحت أطنان من الطين والصخور.
فرق الإنقاذ تواجه صعوبات بالغة في الوصول إلى الموقع بسبب تدمير الطرق وانقطاع الاتصالات، فيما أُطلقت نداءات عاجلة لإرسال مساعدات إنسانية وطواقم إنقاذ دولية لانتشال الضحايا وإغاثة الناجين الذين فقدوا منازلهم وممتلكاتهم بالكامل.
مشهد مأساوي وصعوبة في الوصول للضحايا
شهود عيان أكدوا أن الانزلاق وقع فجراً، حيث لم يمنح السكان أي فرصة للهرب، ما جعل عدد الضحايا في ازدياد. فرق الإنقاذ المحلية التي وصلت إلى المكان واجهت صعوبات بالغة في الوصول إلى القرية المطمورة تحت أطنان من الطين والحجارة، بسبب انقطاع الطرق الرئيسية وتدمير الجسور.
أحد المتطوعين قال: "لم نرَ شيئًا كهذا من قبل، القرية اختفت تمامًا وكأنها لم تكن موجودة، لا نسمع إلا صرخات من تحت الركام، لكن الإمكانيات معدومة."
حجم الخسائر البشرية والمادية
وفقًا لتقديرات أولية، فقد مئات الأشخاص حياتهم، بينما لا يزال المئات في عداد المفقودين.
كما دُمِّرت بالكامل عشرات المنازل والمزارع، وتضررت شبكات المياه والكهرباء، ما جعل المنطقة معزولة عن العالم الخارجي.
مصادر محلية أكدت أن غالبية الضحايا من النساء والأطفال، إذ وقعت الكارثة أثناء نوم السكان، وهو ما ضاعف من حجم المأساة.
تحذيرات من تكرار الكارثة
خبراء بيئيون حذروا من أن هذه الكارثة ليست حادثة فردية، بل نتيجة لتغيرات مناخية حادة وتدهور بيئي مستمر في دارفور، إضافة إلى قطع الأشجار الجائر الذي ساهم في تفاقم مخاطر الانزلاقات الأرضية.
الباحث البيئي د. يوسف عمر أوضح أن استمرار هطول الأمطار قد يؤدي إلى مزيد من الانهيارات في المناطق الجبلية، داعيًا إلى إجلاء القرى المجاورة بشكل عاجل لتفادي سقوط المزيد من الضحايا.
نداءات عاجلة للإغاثة الدولية
الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية تلقت نداءات استغاثة عاجلة من السلطات السودانية، التي أكدت عجزها التام عن مواجهة الكارثة بإمكانياتها المحدودة، في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية المعقدة التي تعيشها البلاد.
المتحدث باسم الهلال الأحمر السوداني قال في تصريح صحفي: "نحتاج إلى معدات ثقيلة لإزالة الركام، وأطقم طبية لمعالجة الجرحى، ومساعدات غذائية عاجلة للناجين الذين فقدوا كل شيء."
من جانبها، أطلقت منظمات حقوقية حملات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تدعو المجتمع الدولي والدول العربية إلى التدخل السريع لإرسال مساعدات عاجلة، محذّرة من تفاقم الأوضاع الإنسانية في حال تأخر الإغاثة.
كارثة تهدد بأزمة إنسانية كبرى
ما حدث في دارفور ليس مجرد حادث عابر، بل جرس إنذار لحجم المخاطر البيئية التي تهدد مناطق واسعة في السودان.
القرية التي اختفت تحت الطين ليست سوى بداية لسلسلة من الكوارث المحتملة إذا لم يتم التعامل مع الظاهرة بجدية، سواء عبر خطط طوارئ فعالة أو تعزيز البنية التحتية.
الآن، الأولوية القصوى هي إنقاذ الأرواح وانتشال الجثث وإيواء الناجين قبل أن تتحول الكارثة إلى مأساة إنسانية أوسع نطاقًا.
المجتمع الدولي مطالب بالتدخل الفوري، لأن الوقت ينفد، وكل دقيقة تأخير قد تعني فقدان المزيد من الأرواح.