أعلنت جماعة أنصار الله (الحوثيين) مقتل أحمد غالب الرهوي، رئيس حكومة "التغيير والبناء" في صنعاء، مع عدد من وزرائه ومسؤولين بارزين، جراء غارة إسرائيلية استهدفت العاصمة اليمنية الخميس الماضي.

الهجوم الذي وُصف بـ"الاستثنائي" لم يمر مرور الكرام؛ إذ تعهّد الحوثيون بردّ تصاعدي، فيما دخلت أطراف إقليمية ودولية على خط الأزمة وسط مخاوف من اتساع رقعة المواجهة.
 

اغتيال "نصف الراتب"
يُلقّب الرهوي بين المواطنين بـ"نصف الراتب"، بعد أن نجح خلال أشهر قليلة من توليه رئاسة الحكومة غير المعترف بها دولياً في إعادة صرف نصف راتب شهري لموظفي الدولة في مناطق سيطرة الحوثيين، بعد سنوات من الانقطاع منذ نقل البنك المركزي إلى عدن عام 2016.
وقد مثّل ذلك بارقة أمل لشريحة واسعة من الموظفين المدنيين الذين يعيشون ظروفاً إنسانية صعبة.

استهداف الرهوي اعتُبر لدى قطاعات واسعة من اليمنيين جريمة "سياسية وإنسانية"، إذ كان يقود حكومة تركّز على الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وصحة وتعليم، في وقت تعجز فيه الحكومة المعترف بها دولياً عن تقديم خدمات مماثلة في مناطق نفوذها.
 

إسرائيل في مرمى النيران الحوثية
جاء الاغتيال بعد أيام من هجمات صاروخية وبالطائرات المسيّرة شنها الحوثيون على مطارات وموانئ إسرائيلية، ألحقت – بحسب مراقبين – أضراراً اقتصادية بالغة، وأجبرت إسرائيل على اتخاذ خطوات استثنائية بينها نقل اجتماعات الحكومة و"الكابينت" إلى مواقع سرية خشية ردّ حوثي جديد.

زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، أكد أن مسار المواجهة مع إسرائيل سيكون "تصاعدياً"، يشمل الضربات الصاروخية والمسيّرات إضافة إلى الحصار البحري عبر باب المندب والبحر الأحمر، في إطار ما يسميه "نصرة الشعب الفلسطيني في غزة".
 

معاناة المدنيين وازدواجية الاستهداف
الغارات الإسرائيلية لم تقتصر على المواقع العسكرية، بل طالت منشآت مدنية حيوية كالموانئ ومحطات الكهرباء ومطار صنعاء الدولي. هذه الضربات فاقمت معاناة السكان في مناطق الحوثيين، حيث يعيش أكثر من 70% من سكان اليمن.

ناشطون وصفوا استهداف الخدمات العامة بأنه "جريمة تجويع" على غرار ما يحدث في غزة. ويرى مراقبون أن ضرب المدنيين يعكس حالة ارتباك لدى إسرائيل، نتيجة الضربات المؤلمة التي تتلقاها في جبهتها الداخلية من الحوثيين.
 

الاعتقالات تزيد المشهد تعقيداً
بالتوازي مع الغارات، نفذ الحوثيون حملة اعتقالات جديدة طالت موظفين أمميين يعملون في "برنامج الأغذية العالمي" و"يونيسف"، بتهمة تسريب معلومات ساعدت إسرائيل في تنفيذ غاراتها الأخيرة.
هذه الخطوة أثارت إدانات واسعة من الأمم المتحدة، التي طالبت بالإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين.
 

إيران تدخل على الخط
الحرس الثوري الإيراني وصف الاغتيال بأنه "جريمة حرب" وتعهد بأن المقاومة اليمنية ستردّ بردّ "قوي ومؤلم" على إسرائيل.
كما أكد استمرار دعم طهران لما سماه "محور المقاومة" في فلسطين واليمن ولبنان وسوريا. هذا الموقف الإيراني يعزز المخاوف من توسع رقعة التصعيد إلى مستوى إقليمي واسع.
 

المشهد الإسرائيلي المرتبك
على الجانب الآخر، يعيش الداخل الإسرائيلي ارتباكاً سياسياً وأمنياً.
الخلافات بين وزراء حكومة نتنياهو حول الميزانيات المخصصة للأمن الداخلي برزت بقوة، خصوصاً بعد مطالب وزراء مثل إيتمار بن غفير بزيادة مخصصات تحصين المؤسسات التعليمية، وسط اتهامات متبادلة بالاهتمام بأطفال غزة أكثر من أطفال إسرائيل.

الشاباك بدوره عزز الحماية حول نتنياهو ووزراء بارزين بعد تهديدات الحوثيين بالانتقام، فيما واصل الجيش تنفيذ غارات بعيدة المدى على اليمن مستخدماً ما وُصف بـ"خدع عسكرية" للوصول إلى أهدافه.