شهد اجتماع حكومة عبدالفتاح السيسي، الأخير جدلًا واسعًا بعد الإعلان عن أسعار توريد المحاصيل الاستراتيجية للموسم الزراعي الجديد، إذ جاءت القرارات لتكشف عن مسار يثير قلق المزارعين ويطرح تساؤلات حول مستقبل صناعة السكر والأمن الغذائي.
 

تفاصيل القرار الحكومي
أقرّت الحكومة زيادة في أسعار القمح بنسبة تقارب 7% ليصل سعر الأردب إلى ما بين 2250 و2350 جنيهًا حسب درجة النظافة، أما قصب السكر فظلّ سعر توريده ثابتًا عند 2500 جنيه للطن، فيما جاء القرار الأكثر صدمة للمزارعين بتخفيض سعر توريد طن بنجر السكر إلى 2000 جنيه فقط، مقارنة بـ2400 جنيه الموسم الماضي.

وبينما تروج الحكومة للقرار باعتباره توازنًا بين دعم المزارع وحماية المستهلك من ارتفاع أسعار السلع الأساسية، يراه المزارعون استمرارًا في سياسة “التجاهل” لارتفاع تكاليف الإنتاج، خاصة مع القفزات الكبيرة في أسعار السماد والعمالة الزراعية والسولار.
 

أصوات المزارعين: “القصب خسران والبنجر مش مجدي”
وفي حوار مع عدد من المزارعين في محافظات الصعيد والدلتا، حيث عبّروا عن استيائهم الشديد من الأسعار الجديدة:

أحمد عبد الرازق، مزارع قصب من قنا: “إحنا لسه ما قبضناش مستحقاتنا عن الموسم اللي فات، الحكومة متأخرة 6 شهور، وييجي يقولوا لنا السعر زي ما هو؟! كده القصب خسران، واللي يزرع قصب السنة دي يبقى بيضيع تعبه”.

محمد السيد، مزارع بنجر من كفر الشيخ: “بنجر السكر الموسم اللي فات بالكاد غطى تكاليف الزراعة، ومع نزول السعر 400 جنيه في الطن، مفيش أي جدوى اقتصادية من زراعته، وممكن ناس كتير تتحول لمحاصيل تانية”.

سعيد حسين، من سوهاج: “القطاع الخاص بيعرض أسعار أعلى من الحكومة، وإحنا في النهاية بندوّر على مصلحتنا، لو الحكومة مش هتعدل الأسعار، أغلب الفلاحين هيتجهوا يبيعوا للقطاع الخاص أو يقللوا المساحات المزروعة”.
 

انعكاسات القرار على صناعة السكر
تراجع أسعار البنجر وثبات القصب ينذر بموجة جديدة من تراجع التوريد للمصانع الحكومية، وهو ما قد يعمّق أزمة صناعة السكر التي عانت العام الماضي من ضعف التوريدات، واضطرت الحكومة على إثرها إلى استيراد أكثر من مليون طن من الخارج لتلبية احتياجات السوق.

خبراء الصناعة يرون أن استمرار هذه السياسات قد يضعف قدرة مصر على تحقيق الاكتفاء الذاتي من السكر، ويدفع إلى مزيد من الاعتماد على الاستيراد بأسعار عالمية مرتفعة، ما يشكل عبئًا على ميزان المدفوعات والدعم الحكومي.

فيما يطالب المزارعون بضرورة ربط أسعار التوريد بتكاليف الإنتاج الفعلية، ووضع آلية مرنة لتعديل الأسعار بشكل دوري يتناسب مع تغيّرات السوق.

كما يشددون على أهمية التزام الحكومة بسرعة صرف المستحقات لتشجيعهم على الاستمرار في زراعة المحاصيل الاستراتيجية بدلًا من العزوف عنها.