حين يحطّ مبعوث أمريكي في قاعة صحفية لبنانية، يُفترض أن يكون منبرًا للحوار، لا لدروس "التأديب".
لكن بدلاً من ذلك، صوب توماس "توم" باراك حديثه نحو الصحفيين قائلًا: “تصرفوا بأدب، بلطف، تسامح... وإلا سنرحل عند تحول الموقف إلى فوضى 'حيوانية'.”
كلمات هزّت أركان الصحافة ولجمت أسماء كبيرة عبر المشهد الإعلامي العربي. الردود لم تقتصر على النقد السياسي بل غاصت في عمق الاستيطان الثقافي والعلاقة بين الغرب ومؤسساتنا الإعلامية.
اللقاء الصحفي: مشهد الدهشة والتصعيد
جاء اللقاء خلال مؤتمر صحفي في قصر بعبدا الرئاسي في بيروت، بعد لقاء باراك برئيس الجمهورية ميشال عون.
وبينما كان الصحفيون يطرحون أسئلة، ارتفع صوت المبعوث مخاطبًا الحضور: “سنُطبق قواعد مختلفة… اهدؤوا للحظة. اللحظة التي يتحوّل فيها الأمر إلى فوضى، إلى سلوك ‘حيواني’، نحن نمضي.”
ثم أضاف: “تصرفوا بأدب، بلطف، بتسامح، لأن هذه هي المشكلة الحقيقية في المنطقة.”
من الواضح أن تصريحاته لم تكن مجرد توجيه لتهدئة المشهد، بل توصلت إلى حد التحقير تجاه الصحفيين الذين يمارسون مهنتهم، وهو ما فاقم الانقسام الصحفي والسياسي حول الرسائل التي يرسلها الجانب الأمريكي.
الكتاب اللبنانيون: دروس استعمارية متجددة
قالت الصحفية هالة جابر بحدة: يشبه باراك "مفوضًا استعماريًا من القرن التاسع عشر"... مشددة على أن لبنان وطن له هويته ولا يحق لأي مبعوث أن يشتط في سبّ شعبه.
الكاتب جيفورك الماسيان وصف الموقف بأنه "غطرسة استعمارية متعالية"، تعكس رسوخ نمط دبلوماسية يرى المنطقة دونية.
الناشط اليمني عُدي وصف الموقف بأنه “عقلية استعمارية” حقيقة، ألم يلعب الغرب دور الصانع الرئيس للفوضى والحروب في الشرق الأوسط؟
الصحفيون اللبنانيون: لا للإهانة المجانية
الاتحاد اللبناني للمحررين الصحفيين وطّد موقفًا قويًا، مطالبًا باعتذار رسمي ومهدّدًا بمقاطعة فعاليات المبعوث.
نقابة مصوّري الصحافة اعتبرت تعليقاته “إهانة مباشرة” و"سابقة خطيرة" لا يمكن تمريرها مرور الكرام.
الصحفية ديالا مقلّد اعتبرت ما بدر ليس مجرد إساءة فردية، بل تأكيد لعقلية أبوية تتعامل مع اللبنانيين كأدنى منزلة.
ريا ديبيسي أكّدت أن الذين يحثون لبنان على "القوة" يجب أن يقبلوا أن تُوجَّه لهم الأسئلة بحرية وليس تذمّرًا.
الأصوات المصرية: تمسّك بالمهنية والدبلوماسية
نقيب الصحفيين المصريين، خالد البلشي، وصف كلمات بارّاك بأنها "غير لائقة" وتجاوزت كل الأعراف الدبلوماسية والمهنية، داعيًا إلى اعتذار رسمي ومطالبة المؤسسات الإعلامية العربية بمقاطعة فعالياته حتى يلتزم باحترام الصحافة.
السياق والتحليل: لماذا كل هذا الغضب؟
يعكس الموقف أبعادًا أعمق من مجرد إهانة لفظية: استمرار صورة الشرق الأوسط كميدان مسكوت عليه: بارّاك لم يقل فقط "تصرفوا"، بل حقّر الطريقة التي تمارس بها الصحافة دورها. هذا التحقير أتقنته القوى الاستعمارية في الماضي.
تزامن مع ملف حساس: زيارته تزامنت مع الضغط على لبنان لتفكيك "حزب الله"، مما جعل موقفه يبدو ليس دبلوماسياً، بل استعلائيًا سياسيًا.
تعريض الصحفيين للخطر: معارك المنطقة ليست مجرد كلمات؛ الصحفيون اللبنانيون أوصلوا الأخبار رغم التهديدات، وحملهم بارّاك لقب "حيوانات" هو استهداف مباشر شائن.
الإعلام لا يُهان، ولا يُداس
ما جرى ليس موقفًا عادياً لكنع دبلوماسي فاشل، بل حالة تكشف عمق الفجوة بين قيم حرّية التعبير ونظرة بعض الأطراف للمجتمعات العربية. الإعلام العربي، بكافة أطيافه، انتفض لأن حرية الصحافة ليست ترفًا، بل ركيزة للمجتمع.
من هالة جابر إلى نقابات الصحفيين اللبنانية والمصرية، ارتفعت الأصوات بالدعوة إلى رفض المساس بالكرامة أو المهنية. تبقى الرسالة واضحة: لا لعقلية ما قبل الاستعمار، ولا لسبل التحقير، والإعلام سيصمد لأن الكرامة لا تُخرج من غُرف القصور، بل تُفعل في الميدان.
ردود فعل غاضبة
خديجة بنت قنة غردت " معقول؟ المبعوث الأمريكي توك براك يصف تصرف الصحفيين في #لبنان بالحيواني والفوضوي ويطالبهم بالتحضر.. هذا العالم أصبح غريبا عجيبا". https://x.com/Benguennak/status/1960409936388849815
كما وصفها نقيب الصحفيين المصريين خالد البلشي بالجلافة والوقاحة.. قائلا نرفض تصرف المبعوث الأمريكي توماس براك ونطالب باعتذار ومقاطعة مؤتمراته، معتبراً تصريحاته وتصرفاته "تجاوزاً لكل حدود اللياقة والدبلوماسية". https://x.com/MekameleenMk/status/1960691782972219578
وعلق ممدوح حمزة " بعد اهانة المبعوث الأمريكي توم باراك للبنانين شعبا ودولة انتظر إصدار بيان من الحكومة اللبنانية باستبعاد هذا السافل خارج بلادهم ومنع دخولة مره اخري هنا اؤكد علي استمرار سلاح المقاومة الرادع الوحيد لا يجدي معهم إلا السلاح".
https://x.com/Mamdouh_Hamza/status/1960557173286547934
الإعلامية نادية الماجد " المبعوث الأمريكي مخاطبا الصحفيين اللبنانيين: "في اللحظة التي يصبح فيها الأمر فوضويا أشبه بالسلوك الحيواني سنغادر" وقال لهمر"تصرفوا بتحضر" https://x.com/Nadiaglory/status/1960354760374034659
الاقتصادي د. مراد علي " مشهد يبعث على الغضب، المبعوث الأمريكي إلى لبنان وسوريا، توماس براك، يهين الصحفيين اللبنانيين ويشبههم بالحيوانات، بل تعدى ذلك ليصف المنطقة بأسرها بهذا الوصف المشين، وذلك في قصر رئاسة الجمهورية اللبنانية. فهل ستجرؤ السلطات اللبنانية على مطالبة الولايات المتحدة بعدم إرساله مجددًا أو على الأقل الحصول على اعتذار رسمي؟ وهل انسحب الصحفيون اللبنانيون احتجاجًا على هذه الإهانة؟ غياب الموقف الصارم لا يسيء فقط إلى الصحفيين، بل يرسخ صورة أمة مستباحة عاجزة عن الدفاع عن أبسط حقوقها، الاحترام. وما لم يتغير ميزان القوة، وتُستعاد السيادة الحقيقية لبلادنا، ستبقى مثل هذه الإهانات تتكرر بلا رادع. https://x.com/mouradaly/status/1960430383079809074
المفكر والباحث عزالدين محمد " توم باراك يقول للعرب هتقبلوا بالاحتلال الصهيوني ولا نمشي هنبني لكم مشاريع ولا نأخد فلوسنا ونسبكم تموتوا".
https://x.com/ezzmahmoud1/status/1960454463489192112
الصحفية شيرين عرفة " جنون .. ما بعده جنون !! في المؤتمر الصحفي، الذي عقده المبعوث الأمريكي "توماس باراك" داخل القصر الرئاسي اللبناني، عقب لقاءه بالرئيس "جوزيف عون" وجه كلاما بالغ الإهانة للصحفيين اللبنانيين، حيث وصف سلوكهم بالفوضوي والحيواني، وهددهم بإلغاء المؤتمر، إذا لم يتصرفوا بتحضر ولطف، ثم أضاف قائلا : إنها مشكلة هذه المنطقة !! - المبعوث الأمريكي بهذه العبارات، قد أهان منطقتنا العربية كلها ، واعتبرها مجموعة من الحيوانات غير المتحضرة والفوضوية".
https://x.com/shirinarafah/status/1960481164415893561
السياسي الدكتور محمد مرعي " وقاحة دبلوماسية من المبعوث الأمريكي توم باراك - لكنها تعكس أفكار وتوجهات حقيقية لصانعي السياسة الخارجية الأمريكية في إدارة الرئيس دونالد ترامب تجاه دول وشعوب المنطقة. https://x.com/mar3e/status/1960430010663362730
الباحث السياسي سعيد زياد " في بداية حرب الإبادة على غزة، خرج وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت ووصفنا بال(حيوانات البشرية)، ثم يأتي المبعوث الأمريكي اليوم باراك ليصفنا بـالحيوانات غير المتحضرين. نحن أمام خطاب واحد: إرث استشراقي قديم يُعيد إنتاج نفسه. هذه ليست إهانات عابرة، بل هي التعبير العاري عن بنية العقل الاستعماري: تسلبك إنسانيتك لتبرّر قتلك."
https://x.com/saeedziad/status/1960349294562595154