تشهد صناعة المستلزمات الطبية، واحدة من أخطر أزماتها خلال السنوات الأخيرة، بعد إعلان الشعبة العامة للمستلزمات الطبية عن توقف 11 مصنعًا من أصل 40 يعملون في هذا القطاع الحيوي، نتيجة تراكم مديونيات ضخمة لدى هيئة الشراء الموحد تجاوزت قيمتها 43 مليار جنيه، ما انعكس مباشرة على الإنتاج والتوريد، وأثار مخاوف جدية من تفاقم أزمة نقص المستلزمات الطبية في المستشفيات الحكومية والخاصة على حد سواء.

وكانت الشعبة قد تقدمت بمذكرة عاجلة إلى رئيس حكومة عبدالفتاح السيسي، تطالب فيها بسرعة التدخل لتنفيذ الاتفاق السابق مع الحكومة وهيئة الشراء الموحد، والذي ينص على سداد المستحقات المالية المتأخرة للشركات العاملة في القطاع.

 

مديونيات متراكمة وضغط على السيولة

بحسب تصريحات محمد إسماعيل عبده، رئيس الشعبة العامة للمستلزمات الطبية، فإن أكثر من نصف هذه المديونية يرتبط بالمستلزمات المستهلكة في مستشفيات وزارة الصحة ضمن برامج العلاج المجاني، فيما يعود الجزء الآخر إلى العلاج الاقتصادي المقدم عبر هيئتي التأمين الصحي والتأمين الصحي الشامل، بالإضافة إلى المراكز والمستشفيات الجامعية.

وأوضح عبده أن استمرار تأخر سداد المستحقات تسبب في نقص السيولة لدى الشركات، ما أدى إلى تعثرها في سداد التزاماتها البنكية، ودفع بعض المصانع إلى وقف الإنتاج كليًا. وأضاف أن الهيئة لم تصرف أي دفعات مالية للشركات منذ شهرين، على الرغم من وعودها المتكررة.

 

اتفاق لم يُنفذ بعد

وكانت هيئة الشراء الموحد قد عقدت اجتماعًا مع ممثلي الشعبة قبل أسبوعين، وتم الاتفاق خلاله على صرف 50% من المديونيات المتراكمة، على أن يتم سداد النسبة المتبقية (40%) من خلال المخصصات المالية لهيئتي التأمين الصحي والتأمين الصحي الشامل، بحيث تنتهي عملية السداد بالكامل مع نهاية العام المالي الحالي.

إلا أن الشعبة أكدت أن الاتفاق لم يُفعّل حتى الآن، رغم تأكيدات وزارة المالية بأن الهيئة حصلت بالفعل على مخصصات إضافية لسداد المستحقات، بعد قرار رئيس مجلس الوزراء بمضاعفة ميزانيتها من 50 إلى 100 مليار جنيه.

 

انعكاسات الأزمة على السوق

الأزمة لم تتوقف عند حدود المصانع المحلية، بل امتدت إلى شركات توزيع الأدوية الكبرى مثل ابن سينا فارما وفارما أوفرسيز، اللتين كشفتا في تصريحات سابقة عن تراكم ديون ضخمة مستحقة لهما لدى هيئة الشراء الموحد.

وأكد مسؤول في "أوفرسيز" أن هذا التعثر أدى بالفعل إلى توقف التوريد ونقص بعض المستلزمات الطبية والدوائية في السوق.

 

قلق متزايد في القطاع الصحي

ويحذر خبراء من أن استمرار الأزمة قد يهدد بتفاقم أزمة نقص المستلزمات الطبية في المستشفيات الحكومية والجامعية، خاصة في ظل توقف عدد من المصانع المحلية وتراجع عمليات التوريد من الشركات الكبرى.

كما يخشى العاملون في القطاع من فقدان الثقة بين الموردين وهيئة الشراء الموحد، ما قد يعمق الأزمة خلال الفترة المقبلة إذا لم تُتخذ حلول عاجلة.