كشف البنك المركزي المصري في تقرير حديث عن تحول ميزان المدفوعات من تحقيق فائض إلى تسجيل عجز كلي بقيمة 1.9 مليار دولار خلال التسعة أشهر الأولى من العام المالي 2024-2025، مقارنةً بفائض بلغ 4.1 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من العام المالي السابق 2023-2024.

ويعد هذا التحول في الأداء أحد أبرز المؤشرات الاقتصادية التي تعكس ضغوطًا متزايدة على الاقتصاد المصري في ظل ظروف محلية ودولية معقدة.

وأوضح التقرير، الذي صدر بعنوان "أداء ميزان المدفوعات خلال الفترة من يوليو 2024 حتى مارس 2025"، أن هذا العجز يرجع في المقام الأول إلى تراجع صافي التدفقات الداخلة في بند المعاملات الرأسمالية والمالية، وهي أحد أهم مكونات الميزان التي تعكس حركة رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية.

 

المعاملات الرأسمالية والمالية.. البند الحاسم
بحسب تحليل المركزي، فإن بند المعاملات الرأسمالية والمالية، والذي يشمل الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، شهد تراجعًا ملموسًا في صافي التدفقات إلى الداخل، وهو ما أثر سلبًا على إجمالي رصيد الميزان.

وأشار التقرير إلى أن تدفقات الاستثمار الأجنبي لم تكن بنفس الزخم الذي شهدته في الفترات السابقة، كما تراجعت استثمارات المحافظ المالية نتيجة لتقلبات الأسواق العالمية وتغير شهية المستثمرين تجاه الأسواق الناشئة، في مقدمتها السوق المصرية.

 

تحولات في السياق الدولي والداخلي
يأتي هذا العجز في ميزان المدفوعات وسط استمرار تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية، لا سيما تباطؤ الاقتصاد العالمي وارتفاع أسعار الفائدة في الأسواق المتقدمة، وهو ما أدى إلى سحب سيولة استثمارية من الأسواق الناشئة، إلى جانب التوترات الجيوسياسية في الإقليم والتي ألقت بظلالها على بيئة الاستثمار.

وعلى الصعيد المحلي، يواجه الاقتصاد المصري تحديات تتعلق بمعدلات التضخم المرتفعة، وضغوط الدين العام، واحتياجات متزايدة من النقد الأجنبي لتغطية الواردات وسداد الالتزامات الدولية، وهو ما يزيد من حساسية الميزان الخارجي لأي تغيرات في التدفقات المالية.