أطلقت نقابة الصحافيين المصريين، نداءً إنسانيًا عاجلًا، مطالبة الدول العربية بقطع العلاقات مع إسرائيل ووقف كافة أشكال التطبيع معها، والعمل فورًا على كسر الحصار عن قطاع غزة، وفتح المعابر المغلقة، وفي مقدمتها معبر رفح الحدودي، الذي وصفته بأنه "الشريان الوحيد للحياة" لأكثر من مليوني فلسطيني محاصرين، يواجهون حرب تجويع هي الأبشع في العصر الحديث.

جاء بيان النقابة تحت عنوان صارخ: "أوقفوا جريمة الإبادة بالتجويع... فلسطين تختبر إنسانيتكم"، ليضع المجتمع الدولي والعالم العربي أمام مسؤولياته تجاه كارثة إنسانية تتفاقم يومًا بعد يوم، بينما تتفاقم أرقام الضحايا وتتفشى المجاعة والمرض.

 

أرقام تقشعر لها الأبدان
نقابة الصحافيين سردت في بيانها تفاصيل مروّعة، موثقة بالأرقام، عن حجم الكارثة التي يشهدها القطاع، مشيرة إلى وفاة ما لا يقل عن 18 شخصًا يوميًا بسبب الجوع خلال شهر يوليو الجاري، فيما وصل عدد الأطفال المهددين بالموت جوعًا إلى 650 ألف طفل. كذلك، يحتاج 112 طفلًا يوميًا لدخول المستشفيات للعلاج من الهزال الحاد، في ظل انعدام الغذاء وانهيار المنظومة الصحية بشكل شبه كامل.

60 ألف امرأة حامل، بحسب النقابة، يواجهن خطر الموت أو فقدان الأجنة، في ظل غياب الحد الأدنى من مقومات الحياة. كما وثّق البيان استشهاد 900 فلسطيني بسبب الجوع، بينهم 71 طفلًا دفنوا تحت أنقاض ما وصفته النقابة بـ"مجاعة ممنهجة"، ارتكبتها قوات الاحتلال بمشاركة أميركية، وتواطؤ دولي، وصمت عربي "مخزٍ".

 

حرب تجويع ممنهجة ومذابح أمام شاحنات الإغاثة
البيان أوضح أن الجريمة انتقلت من مرحلة القتل بالقنابل والرصاص، إلى حرب تجويع شاملة، تُستهدف فيها العائلات أثناء محاولتها الحصول على الغذاء. وقالت النقابة إن أكثر من 6 آلاف مدني أصيبوا برصاص القناصة وهم ينتظرون مساعدات غذائية، فيما تحوّل كيس العدس إلى وسيلة للبقاء على قيد الحياة.

وتابعت النقابة: "شهدنا مجازر بشعة أمام شاحنات المساعدات، أبرزها مجزرة السودانية التي راح ضحيتها 67 شهيدًا، ومجزرة زيكيم التي سقط فيها 63 شهيدًا، بينما لم يُقدَّم أحد للمساءلة، في ظل تجاهل دولي تام".

 

معبر رفح.. من شريان حياة إلى مصيدة موت
أكدت النقابة أن معبر رفح، الذي يمثل نافذة غزة الوحيدة إلى الخارج، "تحوّل إلى مصيدة موت بفعل السياسة الإسرائيلية، بينما تقف قوافل الإغاثة المحملة بالأدوية والغذاء عاجزة خلف الحواجز"، وكأن حياة الفلسطينيين رهينة صراع سياسي وتجاذبات إقليمية.

وطالبت النقابة القيادة المصرية بتحمل مسؤوليتها التاريخية، و"اتخاذ موقف حازم بفتح المعبر فورًا، دون قيود"، لأن كل دقيقة تأخير تعني مزيدًا من الأرواح المهدورة بلا ذنب.

 

دعوة للمجتمع الدولي والإعلام: وثّقوا الجريمة
دعت النقابة الأمم المتحدة إلى إعلان حالة المجاعة رسميًا في غزة، وفتح تحقيقات دولية في جرائم التجويع والتصفية الجسدية عبر الحصار. كما ناشدت الصحافيين العرب والدوليين بالقيام بواجبهم المهني والإنساني في توثيق الجريمة، ونقل الصورة الكاملة إلى العالم.

وقالت: "سلاح الصحافيين سيظل الكلمة، في مواجهة آلة التعتيم والتزييف التي تقودها ماكينة الاحتلال الإعلامية".

 

صرخة ضمير: لا تنتظروا حتى يُدفن آخر طفل
بلهجة شديدة ونازفة، اختتمت نقابة الصحافيين بيانها برسالة قاسية إلى الضمير العالمي، قالت فيها: "هل ننتظر حتى يُدفن آخر طفل في غزة؟ إن ما يحدث ليس مجرد عدوان عابر، بل فصل جديد من الإبادة الجماعية، تُرتكب على مرأى ومسمع من العالم، وسط تواطؤ أميركي، وتخاذل عربي، وصمت أممي يشبه الاشتراك في الجريمة".

وأعادت النقابة التأكيد على مطالبها بمحاكمة قادة الاحتلال، وكذلك المسؤولين الأميركيين الداعمين لهم، أمام المحكمة الجنائية الدولية، بتهم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب وجرائم التجويع.

 

سياق متصاعد من الغضب الشعبي
يأتي هذا البيان وسط تصاعد في الأصوات الشعبية والحقوقية داخل مصر وخارجها، المطالبة بفتح معبر رفح وإدخال المساعدات دون قيد أو شرط، وإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة.

كما أن مشاهد آلاف الشاحنات المكدسة عند الحدود، عاجزة عن الدخول، قد أصبحت رمزًا لفشل الإنسانية، ولعجز النظام الإقليمي والدولي عن حماية أبسط حقوق الحياة.