رغم إعلان شركة "أبناء سيناء" المملوكة لرجل الأعمال إبراهيم العرجاني عن تصدير الأرز إلى 18 دولة، ورغم الفائض المتوقع في الإنتاج المحلي هذا العام، تؤكد مصادر حكومية رفيعة أن حكومة عبدالفتاح السيسي، لا تنوي فتح باب التصدير الرسمي للأرز، في خطوة تعكس استمرار القلق الرسمي من تداعيات سد النهضة الإثيوبي على الأمن المائي القومي.
وتستند الحكومة في موقفها إلى اعتبارات تتعلق بندرة المياه، إذ يُعد الأرز من أكثر المحاصيل استهلاكًا لها، بينما تواجه مصر تحديات متزايدة في ملف نهر النيل نتيجة سياسات إثيوبيا في بناء وتشغيل السدود دون اتفاق ملزم، حسب البيانات الرسمية.
سد النهضة يجمّد تصدير الأرز
أكدت أربعة مصادر مطلعة في وزارة الزراعة والمجلس التصديري للحاصلات الزراعية واتحاد الصناعات، أن الحكومة لا تدرس حاليًا أي إجراءات لفتح باب تصدير الأرز بشكل رسمي، رغم تقديرات بوجود فائض كبير في الإنتاج خلال الموسم الحالي.
ويعني هذا القرار، الذي يبدو مرتبطًا مباشرة بتطورات أزمة سد النهضة، بقاء الأسواق الخارجية بعيدة عن الأرز المصري، باستثناء ما يتم تصديره بطرق خاصة من شركات بعينها.
وفي ديسمبر الماضي، أعلنت وزارة الري انتهاء المسارات التفاوضية حول سد النهضة، مؤكدةً أنها "ستراقب عن كثب عملية الملء والتشغيل"، مع احتفاظ مصر بحقها الكامل في الدفاع عن أمنها المائي.
فائض بلا منفذ
بحسب الدكتور حمدي الموافي، رئيس المشروع القومي لتطوير إنتاج الأرز بوزارة الزراعة، يُتوقع أن يبلغ إنتاج الأرز الشعير هذا العام نحو 6 ملايين طن، بما يعادل قرابة 4 ملايين طن من الأرز الأبيض، فيما يُقدر حجم الاستهلاك المحلي بنحو 3.5 مليون طن فقط، مما يعني فائضًا يقارب نصف مليون طن.
لكن رغم هذا الفائض، يظل القرار الحكومي بالمنع ساريًا، ويؤكد مصطفى النجاري، رئيس لجنة الأرز بالمجلس التصديري للحاصلات الزراعية، أن التصدير "أمر غير مطروح حاليًا"، في ظل ما وصفه بـ"التعنت الإثيوبي المستمر".
ويُذكر أن حكومة عبدالفتاح السيسي، كانت قد جددت قرار حظر تصدير الأرز العام الماضي، وهو القرار الساري منذ أكثر من 8 سنوات، رغم أن بعض الشركات استمرت في التصدير بشكل غير رسمي.
العرجاني واستثناءات بلا تصاريح
من بين تلك الشركات التي واصلت التصدير تبرز "أبناء سيناء"، التابعة لرجل الأعمال إبراهيم العرجاني، والتي أعلنت عبر تقارير صحفية تصدير الأرز إلى 18 دولة، بعد أيام فقط من تجديد قرار الحظر.
وبحسب مصطفى عبد الجواد، عضو مجلس إدارة شعبة الأرز بغرفة صناعة الحبوب، فإن هذه الصادرات لا تتم عبر "آلية رسمية مفتوحة"، بل من خلال "ترتيبات خاصة" تتيح لبعض الجهات شحن كميات إلى الخارج، في حين تُمنع باقي الشركات من ذلك.
وتشمل قائمة الدول المستوردة، بحسب مصادر في القطاع، دولًا عربية مثل السعودية وسوريا والأردن وليبيا، إلى جانب دول أوروبية مثل إيطاليا واليونان وبلجيكا.
مصطفى السلطيسي، عضو شعبة الأرز بغرفة الحبوب، أكد أن بعض عمليات التصدير تتم مقابل رسم صادر يبلغ 150 دولارًا للطن، لكنها تتم دون تصاريح تصدير رسمية، وهو ما يطرح تساؤلات عن وجود تفاوت في المعاملة بين الشركات.
إبراهيم العرجاني.. رجل خارج قواعد اللعبة
يرتبط اسم شركة "أبناء سيناء" بشخصية مثيرة للجدل هي إبراهيم العرجاني، من أبناء مدينة الشيخ زويد شمال سيناء، والذي خرج من السجن عام 2010 بعد عامين من الاحتجاز في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، على خلفية اختطاف أفراد شرطة.
العرجاني أصبح لاحقًا من أبرز رجال الأعمال في سيناء، حيث أسس شركته الخاصة، وتولى رئاسة "اتحاد القبائل العربية"، الذي تقول مصادر إنه يحظى برعاية رسمية من عبد الفتاح السيسي، كما يتلقي أموال من فلسطينيي غزة بالدولار مقابل تسهيلات عبورهم إلى مصر منذ 7 أكتوبر 2013 وحتى اليوم.