تتجدد في مصر التساؤلات حول مدى جدية محاسبة المسؤولين عن حوادث النقل المتكررة، خاصة مع استمرار الفريق كامل الوزير في منصبه وزيرًا للنقل رغم تصاعد أعداد الضحايا والانتقادات من النشطاء والسياسيين، فهل هناك رقم سحري للضحايا يدفع إلى إقالة الوزير؟ ولماذا يتمسّك الرئيس عبد الفتاح السيسي به رغم الضغوط الشعبية والإعلامية المتزايدة؟

 

إحصائيات حوادث وضحايا النقل في العام الأخير

شهد عام 2024 انخفاضًا ملحوظًا في عدد وفيات حوادث الطرق بنسبة 10.3% مقارنة بعام 2023، حيث بلغ عدد المتوفين 5260 شخصًا مقابل 5861 في العام السابق.

في المقابل، ارتفع عدد المصابين في الحوادث إلى 76,362 مصابًا عام 2024 مقارنة بـ71,016 مصابًا عام 2023، بزيادة قدرها 7.5%.

  • أعلى المحافظات في عدد الوفيات: القاهرة (766 حالة وفاة).
  • أقل المحافظات في عدد الوفيات: السويس (6 حالات وفاة).
  • أعلى الشهور في عدد الوفيات: أبريل (527 حالة وفاة).
  • أقل الشهور في عدد الوفيات: نوفمبر (384 حالة وفاة).
  • الفئات العمرية الأكثر تضررًا: أقل من 15 عامًا (1219 حالة وفاة).
  • الذكور مقابل الإناث: 4397 ذكرًا و863 أنثى ضمن المتوفين لعام 2024.

أما بالنسبة لحوادث القطارات، فقد بلغ عدد المتوفين من العاملين بالهيئة 5 أشخاص فقط عام 2024، فيما بلغ عدد المصابين 225 مصابًا.

 

تصاعد الانتقادات والمطالبات بالإقالة

مع كل حادثة كبيرة، تتعالى أصوات النشطاء والسياسيين للمطالبة بإقالة وزير النقل. من بين هؤلاء، كتب السياسي مجدي حمدان متسائلًا: "ماهو العدد المطلوب من أرواح المصريين والشهداء لإقالة وزير النقل؟"، ويعكس هذا التساؤل حالة الغضب الشعبي من تكرار الحوادث دون محاسبة واضحة للمسؤولين.

وقد وصل الأمر إلى دعوات مباشرة لإقالة كامل الوزير أو تقديم استقالته، أسوة بوزراء نقل سابقين تحمّلوا المسؤولية السياسية وتركوا مناصبهم عقب حوادث مشابهة.

وتاريخيًا، شهدت مصر استقالات فورية لوزراء نقل بعد كوارث كبرى، مثل استقالة هشام عرفات عقب حادث محطة مصر في فبراير 2019.

 

لماذا يُبقي السيسي كامل الوزير رغم الانتقادات؟

رغم تصاعد الغضب الشعبي، يتمسّك قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي بالفريق كامل الوزير، بل ويمنحه مزيدًا من الصلاحيات، حيث أصبح يشغل منصب وزير النقل والصناعة ونائب رئيس الوزراء. يعود ذلك إلى عدة أسباب رئيسية:

  • الثقة الشخصية: السيسي يرى في كامل الوزير ضابطًا كفءً ويمتلك خبرة عسكرية وإدارية كبيرة، ويعتبره من "أحسن ضباط الجيش"، كما صرّح في أكثر من مناسبة.
  • الولاء والالتزام: يُعرف كامل الوزير بولائه الشديد لقائد الانقلاب، وقدرته على تنفيذ التعليمات دون اعتراض، وهو ما يتوافق مع أسلوب إدارة الدولة في السنوات الأخيرة.
  • مشاريع البنية التحتية: يشير الوزير إلى تحقيق إنجازات ضخمة في تطوير البنية الأساسية لقطاع النقل، مثل مشروع القطار السريع والمونوريل، مؤكدًا أن الوزارة انتهت من 80% من خطتها لتطوير البنية التحتية.
  • الاستجابة للضغوط: رغم الانتقادات، تشير مصادر حكومية إلى أن إقالة الوزير مستبعدة في الوقت الحالي، إلا في حال حدوث تعديل وزاري شامل أو استمرار السخط الشعبي لفترة طويلة.

لم تقتصر الانتقادات على النشطاء فقط، بل امتدت إلى إعلاميين وسياسيين بارزين، فقد تناول الإعلامي المحسوب على النظام المصري عمرو أديب في برنامجه أزمة الإشارات المرورية والمشاكل المزمنة في الموانئ، متسائلًا عن جدوى المشروعات الجديدة في ظل استمرار الحوادث.

كما سخر بعض البرلمانيين من مشاريع مثل الأتوبيس الترددي الذي كلّف الدولة سبعة مليارات جنيه دون حل جذري لأزمة المواصلات.

وفي المقابل، يدافع كامل الوزير عن نفسه مؤكدًا أن تطوير القطاع يحتاج وقتًا، وأنه يعمل يوميًا ما بين وزارتي الصناعة والنقل لأكثر من 14 ساعة، في محاولة لتحقيق التوازن بين التطوير والاستجابة لمطالب المواطنين.

 

هل هناك رقم محدد للضحايا يدفع للإقالة؟

إقالة وزير النقل في مصر غالبًا ما ترتبط بحوادث كبرى تثير الرأي العام بشكل غير مسبوق، كما حدث عام 2019. أما في عهد السيسي، فيبدو أن معيار البقاء في المنصب لا يرتبط فقط بعدد الضحايا، بل أيضًا بعوامل الولاء والثقة الشخصية والقدرة على تنفيذ المشروعات القومية.