أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أنها قدمت رداً "إيجابياً" إلى الوسطاء الدوليين بشأن المقترح الأخير لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، مؤكدة استعدادها الجاد للدخول في مفاوضات فورية حول آلية تنفيذ المقترح.

وقالت الحركة في بيان رسمي: "أكملت حماس مشاوراتها الداخلية، وكذلك مع الفصائل والقوى الفلسطينية بشأن مقترح الوسطاء الأخير لوقف العدوان على شعبنا في غزة، وسلمت ردًّا اتسم بالإيجابية، وأبدت جهوزيتها الكاملة للانخراط فوراً في مفاوضات التنفيذ".

 

تناقض في التصريحات الإسرائيلية

في المقابل، نقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية عن مسؤول سياسي إسرائيلي - لم تُذكر هويته - قوله إن إسرائيل لم تتلقَّ بعد ردًا رسميًا من حماس. ومع ذلك، أشار إلى وجود "تقديرات بأن الرد سيكون إيجابياً، لكنه مشروط بتعديلات على بعض البنود".

وتأتي هذه التطورات في وقت تسود فيه حالة من الترقب في الأوساط السياسية والإعلامية الإسرائيلية، وسط تكتم رسمي حول فحوى المقترح. غير أن تقارير عبرية وأمريكية كشفت بعض تفاصيله، والتي من أبرزها إطلاق سراح نصف الأسرى الإسرائيليين الأحياء (10 أسرى)، إلى جانب جثامين 18 آخرين، وذلك على 5 مراحل خلال هدنة مؤقتة تمتد لـ60 يوماً.

 

تبادل الأسرى وانسحاب تدريجي

تشمل البنود المقترحة كذلك إفراج الاحتلال الإسرائيلي عن عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين، مع انسحاب تدريجي لقواته من مناطق متفق عليها داخل غزة، وهو ما يُعد بنداً إشكالياً لإسرائيل، التي تصرّ على نزع سلاح حماس وإبعاد قياداتها إلى الخارج.

ووفق التقديرات الإسرائيلية، فإن عدد الأسرى لدى المقاومة في غزة يبلغ نحو 50، من بينهم 20 أحياء. في المقابل، تحتجز إسرائيل أكثر من 10,400 أسير فلسطيني، يعانون من ظروف مأساوية داخل السجون، بينها التعذيب، الإهمال الطبي، والتجويع، ما أدى إلى وفاة العديد منهم، بحسب تقارير حقوقية فلسطينية وإسرائيلية.

 

الوفد الإسرائيلي يستعد للتوجه إلى الدوحة

وفي حال وافقت حماس رسميًا على المقترح دون شروط إضافية، كشفت القناة الـ12 العبرية عن استعداد وفد إسرائيلي للتوجه إلى العاصمة القطرية الدوحة خلال يوم ونصف، لوضع اللمسات النهائية على بنود الصفقة، وهو ما قد يشكل خطوة فارقة في مسار النزاع.

من جهته، يستعد رئيس وزراء الاحتلاء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للسفر إلى واشنطن لعقد قمة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقد نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مصادر إسرائيلية مطلعة أن ترامب قد يعلن رسميًا عن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار خلال الاجتماع المقرر الاثنين المقبل.

 

دعم من الجهاد الإسلامي وتحفظات على الضمانات

وأعلنت حركة الجهاد الإسلامي، الحليف العسكري الأبرز لحماس، دعمها للقرار بالدخول في مفاوضات التنفيذ، لكنها طالبت بضمانات دولية قوية لتحويل الهدنة المؤقتة إلى وقف دائم لإطلاق النار. وأشارت إلى أنها قدمت ملاحظات تفصيلية بشأن بنود التنفيذ، واعتبرت أن رد حماس "اتّسم بالمسؤولية العالية".

 

اتهامات داخلية ضد نتنياهو

في الداخل الإسرائيلي، لا تزال المعارضة وعائلات الأسرى تتهم رئيس الوزراء نتنياهو بالمماطلة في التوصل إلى اتفاق، استجابة لضغوط من اليمين المتطرف داخل ائتلافه الحكومي، في محاولة لتحقيق مكاسب سياسية شخصية، لا سيما التمسك بالسلطة في ظل تزايد المطالب بإقالته.

 

كارثة إنسانية غير مسبوقة في غزة

يأتي هذا التطور السياسي وسط استمرار الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، حيث تواصل إسرائيل شن حملة إبادة جماعية ضد المدنيين الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر 2023، بدعم مباشر من الولايات المتحدة، متجاهلة بذلك أوامر محكمة العدل الدولية والنداءات الدولية المتكررة لوقف العدوان.

وخلفت الحرب الإسرائيلية على غزة ما يقرب من 193 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 10 آلاف مفقود، ومجاعة مدمرة أودت بحياة العشرات من الأطفال، ونزوح مئات الآلاف في ظروف بالغة القسوة.