بعد مرور عامين على حرب غزة، ظهر محمد بن أحمد اليماحي، رئيس البرلمان العربي، في زيارة رسمية إلى معبر رفح البري، حيث عقد مؤتمرًا صحفيًا أمام بوابة المعبر في 27 يونيو 2025، بحضور مسؤولين مصريين ومحليين في شمال سيناء.
ما هو البرلمان العربي؟
البرلمان العربي هو هيئة برلمانية تأسست عام 2009، تهدف إلى تعزيز العمل العربي المشترك، وتحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي، ودعم حقوق الإنسان والوحدة العربية.
يمارس البرلمان اختصاصاته من خلال تقديم التوصيات، متابعة العمل العربي المشترك، والتنسيق مع البرلمانات الوطنية للدول الأعضاء، كما يساهم في دعم القضية الفلسطينية باعتبارها محور الأمن والاستقرار في المنطقة.
من هو محمد اليماحي؟
ظهر اسم رئيس البرلمان العربي، الإماراتي محمد اليماحي، مؤخرًا من أمام معبر رفح المصري، في مشهد أثار تساؤلات حول التوقيت والدلالات، فالبرلمان العربي، الذي تأسس عام 2005 كأحد هيئات جامعة الدول العربية، لا يتمتع بأي سلطة تشريعية ملزمة، بل يقتصر دوره على تقديم توصيات وبيانات رمزية.
أما اليماحي، الذي تم تعيينه رئيسًا للبرلمان العربي في أكتوبر 2023، فهو نائب في المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي، ويعد محسوبًا على الخط الرسمي لأبوظبي، أحد أبرز الداعمين لنظام السيسي، وبحسب مراقبين، فإن تحركاته تعكس في الأساس أجندات الدول الممولة أكثر من تعبيره عن موقف شعبي عربي جامع
غزة مجددًا على الواجهة.. لماذا الآن؟
جاء ظهور اليماحي من أمام معبر رفح بعد عامين كاملين من العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2023، والذي شهد خلاله البرلمان العربي صمتًا شبه تام.
اليوم، ومع اشتداد المجازر الإسرائيلية في القطاع منذ أكتوبر 2023 وحتى منتصف 2025، يخرج البرلمان العربي ببيان "نؤكد التزامنا بالتحرك العربي المشترك والضغط في كافة المحافل الدولية من أجل وقف العدوان الغاشم على غزة"، وفق تعبير اليماحي.
يرى محللون أن التوقيت يحمل دلالات تتعلق بالصراع على النفوذ في الملف الفلسطيني، بعد تراجع الدور المصري لحساب قطر وتركيا، وتصاعد الضغوط الشعبية والإعلامية في العالم العربي.
كما يعتبر البعض أن هذا الظهور يهدف لتلميع صورة الأنظمة الداعمة لإسرائيل سياسيًا وماليًا، والتي تعرضت لانتقادات واسعة مؤخرًا.
السيسي ومعبر رفح.. بين الحصار والابتزاز السياسي
ظل معبر رفح في قلب المأساة الفلسطينية لسنوات، حيث لعب النظام المصري دورًا رئيسيًا في فرض الحصار على غزة منذ انقلاب حماس عام 2007، تحت ذريعة الأمن القومي المصري، لكن تقارير حقوقية دولية، من بينها تقرير "هيومن رايتس ووتش" 2024، أكدت أن إغلاق المعبر كان غالبًا أداة للابتزاز السياسي والتربح المالي.
في الحرب الأخيرة، فتحت مصر المعبر بشكل جزئي وعلى فترات متقطعة، مع فرض رسوم مرتفعة وصلت في بعض الحالات إلى 10 آلاف دولار للفلسطيني الراغب في الخروج، وفق تقارير صحفية دولية، ما يعكس استخدامًا سياسيًا لمعاناة الفلسطينيين، رغم خطابات الدعم العلنية.
دور وظيفي واستثمار سياسي في غزة
يرى عدد من الباحثين أن خطاب البرلمان العربي بقيادة اليماحي لا يتعدى كونه محاولة لإعادة تلميع الدور المصري الرسمي بعد تراجعه أمام الأدوار القطرية والتركية.
يقول الدكتور بشير نافع، الباحث في المركز العربي للأبحاث: "ما نشهده اليوم ليس تغييرًا في السياسات، بل إدارة للرمزية العربية بأدوات مشوهة لا تمس جوهر المعاناة في غزة".
كما يشير الأكاديمي المصري المعارض عبد الرحمن يوسف إلى أن نظام السيسي يوظف الورقة الفلسطينية كلما اشتدت الضغوط عليه داخليًا أو خارجيًا، مضيفًا أن "معبر رفح أصبح بوابة للتربح السياسي والمالي، وليس ممرًا إنسانيًا".
في ظل غياب سياسة عربية موحدة، تواصل أنظمة مثل نظام السيسي لعب أدوار متناقضة: تارة بمغازلة إيران، وأخرى بمواكبة مواقف الخليج، وثالثة بادعاء الدفاع عن فلسطين بينما تمارس سياسات الحصار، ووسط كل هذا، يظل البرلمان العربي كيانًا بلا أنياب، ومشهد اليماحي أمام معبر رفح لا يعكس سوى عجز عربي مستمر واستغلال سياسي لمعاناة إنسانية.