ذكر موقع العربي الجديد أن مصر بدأت تفعيل خطة طوارئ للطاقة، تشمل إجراءات تقشفية تهدف إلى مواءمة الاحتياجات الوطنية المتزايدة مع كميات الوقود المتاحة، وذلك بعد إغلاق إسرائيل أكبر حقل غاز في البحر المتوسط نتيجة الحرب مع إيران، مما يسلّط الضوء على الأثر المباشر للصراع على مصر، التي تُعد من أبرز مستوردي الغاز الإسرائيلي في المنطقة.

كشفت وزارة البترول والثروة المعدنية في 13 يونيو عن الخطة الجديدة، التي تشمل تعليق إمدادات الغاز لعدد من الصناعات، والاعتماد على أنواع وقود منخفضة الجودة مثل المازوت والسولار لتشغيل محطات الكهرباء، في محاولة لتعزيز الشبكة القومية للكهرباء وتفادي انقطاعات التيار خلال موسم الصيف، الذي يشهد ارتفاعًا في الاستهلاك.

تواجه مصر هذا التحدي وسط انخفاض حاد في إنتاجها المحلي من الغاز، ووسط جهود حثيثة للبحث عن بدائل. تسعى الخطة إلى سد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك من دون اللجوء إلى تخفيف الأحمال، وهي السياسة التي لجأت إليها الحكومة في السابق وتسببت في استياء شعبي، خاصة في فصل الصيف.

حتى قبل إغلاق الحقل الإسرائيلي، أعربت القاهرة عن قلقها من تسييس تل أبيب لصادرات الغاز، خصوصًا في ظل الخلافات السياسية والدبلوماسية بين البلدين حول ملفات إقليمية متعددة، منها الحرب الجارية على غزة. وتناقش الحكومة المصرية استيراد الغاز من قطر، مع توقّعات ببدء التنفيذ خلال الأشهر المقبلة.
 

تأثير الحرب على الإمدادات والاقتصاد

أدى إغلاق الحقول إلى تقليص إمدادات مصر من الغاز بنحو 800 مليون قدم مكعب يوميًا، أي ما يزيد قليلًا على 1% من الاستهلاك اليومي البالغ 6.1 مليار قدم مكعب، وهي نسبة مؤثرة في هذا التوقيت.

لمعالجة النقص، تسعى الحكومة إلى تشغيل ثلاث وحدات عائمة لتخزين وتحويل الغاز قبالة الساحل المصري، دخلت إحداها الخدمة، وتواجه الأخريان مشكلات فنية، منها غياب المنصات اللازمة لرسوهما.

قالت عالية المهدي، عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية سابقًا، إن التأثيرات الاقتصادية للحرب واسعة، وقد تؤدي إلى مضاعفة الأعباء المعيشية على المواطنين، خصوصًا إذا طال أمد النزاع. وأشارت إلى أن تدهور الأوضاع سينعكس مباشرة على الشارع.

بدأت البورصة المصرية تسجل تراجعًا، كما فقد الجنيه المصري مزيدًا من قيمته أمام العملات الأجنبية. ويؤدي ضعف العملة إلى ارتفاع تكلفة الواردات، لا سيما الوقود، في وقت تشهد فيه أسعار النفط قفزات عالمية.
 

مساعٍ دبلوماسية بين القاهرة وطهران

يحاول الطرفان المصري والإيراني فتح صفحة جديدة في العلاقات بعد عقود من القطيعة، رغم الخلفيات التاريخية والسياسية الحادة. تعود الخلافات إلى توقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، واغتيال الرئيس أنور السادات الذي احتفت إيران بقاتله وسمّت شارعًا في طهران باسمه.

غيّر مجلس بلدية طهران قبل أيام اسم الشارع، في بادرة وُصفت بأنها حسن نية تجاه مصر، التي اتخذت خطوات خلال العامين الماضيين لكسر الجمود في العلاقة. زار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي القاهرة مرتين منذ أكتوبر، وصرّح في زيارته الأخيرة أن الوقت أصبح أنسب من أي وقت مضى لتحسين العلاقات.

نظّمت مصر لقاءً بين عراقجي ورئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي في إطار جهودها لاحتواء التصعيد، وسعيها لمنع تحول الخلاف حول البرنامج النووي الإيراني إلى صراع إقليمي شامل.

نقلت مصادر أن الوزير الإيراني سلّم لمصر وثائق استخباراتية عن خطة إسرائيلية لغزو سيناء، ما قد يفسر رفع حالة التأهب العسكري المصري وإجراء تجارب على منظومات الدفاع الجوي.
 

المخاطر الإقليمية

قال المحلل السياسي المصري سمير غطاس إن الحرب الراهنة تنطوي على مخاطر إقليمية كبرى، وتهدد بزعزعة استقرار دول عدة، منها مصر. وأشار إلى أن القيادة المصرية عملت بجهد لمنع اندلاع الحرب رغم ظروفها الاقتصادية الصعبة.

حذر التقرير من أن تصاعد دور وكلاء إيران، مثل الحوثيين، سيُفاقم الأضرار، خصوصًا بعد خسائر قناة السويس التي بلغت مليارات الدولارات نتيجة تحويل مسارات السفن بعيدًا عن البحر الأحمر. جاء ذلك إثر هجمات متكررة شنتها الميليشيا اليمنية على الملاحة الدولية.

تسعى القاهرة إلى التوازن بين تأمين احتياجاتها الداخلية، وتفادي الانجرار إلى التصعيد، والاستمرار في لعب دور الوسيط بين طهران والمؤسسات الدولية، في ظل أجواء مشحونة على أكثر من جبهة.
 

https://www.newarab.com/analysis/egypt-feels-heat-israels-war-iran