قررت دائرة الإرهاب بمحكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمجمع محاكم بدر، تجديد حبس خمسة شباب من محافظة الإسكندرية لمدة 45 يومًا، على ذمة القضية رقم 1644 لسنة 2024، المعروفة إعلاميًا باسم قضية "بانر فلسطين".
ويعود أصل القضية إلى شهر أبريل 2024، حين ألقت قوات الأمن القبض على المتهمين بعد أن علقوا لافتة تضامنية مع الشعب الفلسطيني على أحد الكباري الرئيسية بالإسكندرية، في وقت يتواصل فيه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة مخلفًا آلاف القتلى والمصابين من المدنيين.
ورغم الطابع السلمي للفعل التضامني، فقد وجهت نيابة أمن الدولة العليا للموقوفين اتهامات ثقيلة، من بينها الانضمام إلى جماعة إرهابية، والمشاركة في تجمهر، ونشر أخبار كاذبة. وهي الاتهامات التي باتت نمطية في قضايا الرأي والتعبير بمصر خلال السنوات الأخيرة.
نشطاء عماليون ضمن المتهمين
من بين المعتقلين البارزين في القضية، شادي محمد، وهو قيادي عمالي معروف، وواحد من مؤسسي "المؤتمر الدائم لعمال الإسكندرية"، وعضو فاعل في "اللجنة الشعبية للتضامن مع الشعب الفلسطيني"، كما تضم القضية أسماء أخرى مثل: عبد الله أحمد، عمر الأنصاري، شهاب الدين، ومحمد دياب.
يؤكد مقربون من المعتقلين أن نشاطهم يقتصر على العمل السلمي والتضامن الإنساني، دون أي انخراط في أنشطة محظورة أو مخالفة للقانون، مؤكدين أن الاعتقال يأتي في سياق "تجريم التضامن مع فلسطين".
حملة أوسع لقمع الأصوات المتضامنة
وبحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فإن اعتقال هؤلاء يأتي ضمن موجة واسعة من القمع طالت الأصوات المتضامنة مع غزة، حيث وثقت المبادرة احتجاز ما لا يقل عن 150 شخصًا منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي في أكتوبر 2023، وذلك في إطار 12 قضية أمن دولة مختلفة.
وتضيف المبادرة أن جميع المعتقلين تم التحقيق معهم أمام نيابة أمن الدولة بتهمة "التضامن مع فلسطين"، وأن 108 منهم لا يزالون رهن الحبس الاحتياطي، من بينهم طفلان على الأقل وشاب من ذوي الإعاقة.
استهداف لافت للتضامن الشعبي
تعكس هذه القضايا، وفق مراقبين حقوقيين، نهجًا متصاعدًا من السلطات المصرية في التضييق على أي مظاهر احتجاج أو تضامن شعبي، حتى في القضايا التي تحظى بإجماع شعبي، مثل دعم الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال.
ويشير الباحث الحقوقي جمال عيد إلى أن "ما يحدث هو تحول خطير في تعامل الدولة مع الفضاء العام، إذ لم يعد مسموحًا حتى بالتعبير عن التضامن مع قضية تحظى بدعم رسمي وشعبي مثل فلسطين"، مضيفًا أن "اللافتة أصبحت جريمة، والكلمة باتت تهديدًا أمنيًا".