اتفقت الأطراف المعنية في 2025 على هدنة في غزة قبيل تنصيب دونالد ترامب، مما يعكس أهمية هذا الاتفاق في أولويات الإدارة الأمريكية الجديدة.
ومع ذلك، فقد أثار الاتفاق جدلاً حادًا في إسرائيل، حيث عارض العديد من السياسيين اليمينيين هذا الاتفاق.
على سبيل المثال، وصفت وزيرة الاستيطان، أوريت ستروك، الاتفاق بأنه "مكافأة للإرهاب"، بينما أوقف وزير المالية، بتسحايلي سموتريتش، موافقته على الاتفاق، واعتبر وزير الأمن القومي، إيتامار بن غفير، الاتفاق بمثابة "صفقة استسلام"، مما أدى إلى استقالته.

وفي خضم هذه الأزمة السياسية، أجرى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اجتماعًا مع سموتريتش، حيث شدد على ضرورة الحفاظ على الدعم الأمريكي بقيادة ترامب، مُعتبرًا أن العلاقة مع واشنطن لا يجب المساس بها.

وبدا أن نتنياهو، الذي يحاول الحفاظ على توازن داخلي في حكومته الائتلافية، يفضل مواقف الجيش الإسرائيلي التي تدعو إلى إنهاء العنف المستمر في غزة، خاصة مع تزايد الخسائر في صفوف الإسرائيليين.

يدور التساؤل الآن حول ما إذا كان نتنياهو سيُقدم على المصلحة الوطنية لإسرائيل، أم سيلبي ضغوط اليمين المتطرف بقيادة بن غفير وسموتريتش وستروك، الذين يتمتعون بنفوذ كبير داخل الحركة الصهيونية الدينية.
ورغم أن نتنياهو يأمل في استقرار حكومته عن طريق بناء الاتفاق على مراحل، إلا أن العديد من السياسيين اليمينيين يبقون متشككين في هذا النهج.

تشير الديناميكيات الإقليمية إلى تحول في أولويات ترامب مقارنة بفترة رئاسته الأولى، حيث بات من غير الواضح ما إذا كانت الإدارة الأمريكية الجديدة ستظل تدعم بشكل غير مشروط الأطروحات اليمينية الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بمشروع ضم الضفة الغربية، الذي يراه سموتريتش في عام 2025 خطوة يجب تحقيقها.

الأمور تتغير على الصعيد الإقليمي أيضًا، حيث تسعى الدول العربية، وبالأخص السعودية، إلى إعادة رسم ملامح النظام العالمي متعدد الأقطاب الذي يُركز على مصالحها الاستراتيجية.
إذ إن تلك الدول تَستخدم ثرواتها من النفط والغاز لضمان الاستقرار الإقليمي وتعزيز موقفها السياسي، ما يجعل السياسات الإسرائيلية تُشكل تهديدًا للأمن القومي العربي.

داخليًا، يواجه نتنياهو تحديات في استقرار حكومته، مع ظهور انقسامات داخل الأحزاب الدينية الصهيونية. فقد عارض عضو حزب "القوة اليهودية" ألموج كوهين موقف حزبه من ميزانية الدولة، في حين يظهر استياء متزايد داخل حزب "الصهيونية الدينية" من قيادة سموتريتش.
هذا إضافة إلى معارضة بعض أعضاء حزب "شاس" لسياسات نتنياهو، بما في ذلك الدعوة إلى تحقيق في الفشل الأمني خلال هجوم 7 أكتوبر 2023.

ومع تزايد الضغوط السياسية على نتنياهو، يبدو أنه في مأزق حقيقي؛ إذ قد يكون أمامه خياران: إما أن يتماشى مع الأولويات الإقليمية لترامب ويحافظ على استقرار حكومته، أو يرضخ لمطالب اليمين المتطرف، مما قد يؤدي إلى تفكك ائتلافه.
وفي حال استمر هذا التوتر، قد يدفع نتنياهو إلى الدعوة لانتخابات مبكرة، مما يفتح المجال لقيادات أخرى داخل حزب "الليكود" للتمرد ضده.

علاوة على ذلك، يبدو أن أولويات ترامب قد تتغير بفعل التحولات الإقليمية والدولية. فبينما كان ترامب في ولايته الأولى من أبرز المدافعين عن السياسة الإسرائيلية المتعلقة بالضم وتوسيع المستوطنات، تزداد الشكوك في قدرته على الاستمرار في دعم تلك السياسات، خاصة مع تنامي الضغوط الداخلية والخارجية.

إن استراتيجيات ترامب في المنطقة أصبحت أكثر توافقًا مع المصالح الاستراتيجية للعالم العربي، ما يجعل الموقف الأمريكي أقل ميلًا إلى تقديم دعم غير مشروط لإسرائيل.

في النهاية، مع تغير الديناميكيات الإقليمية والضغوط الداخلية، قد يكون هناك تحول كبير في السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل، الأمر الذي قد يشكل نهاية حكم نتنياهو، حيث قد يفقد الدعم الداخلي من اليمين المتطرف ويواجه تحديات جديدة من حلفائه التقليديين في واشنطن.

رؤية ترامب الخاصة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني قد تتغير من التركيز على تقوية التحالف مع إسرائيل إلى السعي لتحقيق تسوية إقليمية أوسع، وهو ما قد يؤثر بشكل حاسم في مستقبل حكومة نتنياهو.

https://www.middleeasteye.net/opinion/gaza-ceasefire-trump-end-netanyahus-rule-will