بعد أقل من عام من احتلال الصهاينة للضفة الغربية وغزة وشبه جزيرة سيناء، نشر الفيلسوف اليهودي يشعياهو ليبوفيتش مقالًا بعنوان "الأراضي"، انتقد فيه الاحتلال الصهيوني وفرض النظام العسكري على ملايين الفلسطينيين.

من هذا النقد نشأ الشعار الشهير: "الاحتلال يفسد"، وهو عبارة أصبحت الأساس لحجج العديد من الصهاينة الليبراليين.

يرى هؤلاء أن جرائم الاحتلال تُفسد أخلاقهم بشكل أساسي، بدلًا من أن تكون ضررًا جوهريًا على حياة الآخرين. بهذا المنطق، يُنظر إلى الفلسطينيين ليس كأشخاص في حد ذاتهم، بل كخلفية لقصة يرويها الصهاينة الليبراليون عن أنفسهم.

عندما يموت فلسطيني، يعتبرون أنفسهم الضحية الحقيقية، حيث يتلوث ضميرهم الرقيق بذلك الموت.

وكما قالت رئيسة وزراء الاحتلال الصهيوني السابقة جولدا مائير: "يمكننا أن نغفر للعرب قتلهم لأطفالنا، ولكن لا يمكننا أن نغفر لهم إجبارنا على قتل أطفالهم".

في هذا المنطق الملتوي، حتى عندما يعترفون بأن الإسرائيليين يقتلون الأطفال الفلسطينيين، فإنهم ما زالوا يضعون أنفسهم كضحايا.
 

تركيز غربي متحيز
   
تسلط هذه الفكرة الضوء على الانتقادات الدولية الأخيرة لزيارة وزيري خارجية فرنسا وألمانيا إلى سوريا.
في الوقت الذي عانت فيه سوريا من مئات الآلاف من القتلى وملايين اللاجئين وانهيار اقتصادي وغرف تعذيب؛ تركز الإعلام الغربي على سبب رفض الزعيم السوري الجديد، أحمد الشرع مصافحة وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك.

ومرة أخرى، أصبحت المرأة الغربية البيضاء محور القصة، وليس النساء السوريات اللاتي تحملن جحيم سجون نظام الأسد، ولا الأطفال المولودين في مراكز الاحتجاز الذين لم يعرفوا الحرية.
 

ازدواجية المعايير الغربية
   في الوقت الذي تدافع فيه بيربوك عن حقوق النساء في بعض الأماكن، تبرر الإبادة الجماعية في غزة، حيث تُقتل النساء والأطفال الفلسطينيون بشكل منتظم.

تجسد الصهيونية الليبرالية تناقض الإنسانية في القرن الحادي والعشرين، حيث تصبح حياة شعوب الجنوب العالمي بلا معنى مقابل المصالح الاقتصادية والسياسية الغربية.
 

رسالة واضحة
   
وفي عالم معولم تتوفر فيه المعلومات بسهولة، الرسالة واضحة: من يمارس العنف يمكنه فرض إرادته دون عواقب، طالما أن المصالح الغربية لا تتأثر.

وكما قال الشاعر محمود درويش: "نحن الفلسطينيون مباركون ومبتلون في صراعنا مع الحركة الصهيونية" - حركة تتحدث باسم اليهودية التي عانت من الهولوكوست وتحمل في طياتها تساؤلًا لم يحله الضمير الغربي.

هذه اللعنة تشمل العالم العربي بأسره، حيث تؤثر عليه القوى الغربية بضغوطها الاقتصادية والعسكرية لضمان بقاء الاحتلال الصهيوني، حتى لو كان ذلك يعني دعم وتسليح أنظمة استبدادية وحشية تتعاون مع تل أبيب.

https://www.middleeasteye.net/opinion/war-gaza-palestinians-suffer-liberal-zionists-play-victim