حذرت تقارير حقوقية من موجة اعتقالات جديدة في مصر، واحتمالات توقيف معتقلين سياسيين سابقين في جميع أنحاء البلاد، خوفًا من تكرار ما حدث في سوريا وسقوط حكم بشار الأسد وهروبه من سوريا.
والأربعاء الماضي، وتحت عنوان: "بيان هام وعاجل"، قالت "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان"، ومقرها العاصمة البريطانية، لندن، إنه: في ظل التطورات الحالية، ومع تزايد التقارير حول زيادة وتيرة الحملات الامنية والاعتقالات التي تنفذها الأجهزة الأمنية في مصر، وعلى سبيل المثال وليس الحصر محافظات مصر المختلفة القاهرة الكبرى والدقهلية والإسكندرية والشرقية ".
ووجهت الشبكة المصرية عناية الجميع، خاصة أولئك الذين سبق احتجازهم واعتقالهم أو لديهم ملفات أمنية، رجالاً ونساءً، إلى "ضرورة اتخاذ الحيطة والحذر خلال هذه الفترة".
ودعت الشبكة المصرية الجميع إلى ما يلي:
• في حال معرفتك بأي شخص تعرض للاعتقال أو مداهمة منزله، يرجى التواصل معنا بشكل مباشر للإبلاغ والحصول على الدعم الحقوقي .
• ضرورة الالتزام بإجراءات السلامة الشخصية، وتجنب أي تصرفات قد تعرضكم للخطر.
وأهابت الشبكة المصرية بالجميع اتخاذ الخطوات التالية:
1. إبلاغ أفراد الأسرة أو المقربين بأي مستجدات قد تؤثر على أمنهم الشخصي.
2. توثيق أي انتهاكات أو تجاوزات تتم بحقهم، مع مراعاة أعلى درجات السرية لضمان سلامتهم.
3. التعاون مع المنظمات الحقوقية المعنية لضمان توفير الدعم القانوني والإنساني اللازم.
وحمّلت الشبكة المصرية "السلطات الأمنية المصرية المسئولية الكاملة عن تدهور أوضاع حقوق الانسان في مصر، مؤكدة على أهمية التضامن المجتمعي والدعم الحقوقي لمواجهة هذه الانتهاكات، والتجاوزات الأمنية، داعية جميع الجهات المحلية والدولية إلى تحمل مسئولياتها والعمل على وقف مثل هذه الحملات والاعتقالات لضمان احترام حقوق الإنسان وصيانة الكرامة الإنسانية".
https://web.facebook.com/ENHR2021/posts/607371484977248?ref=embed_post
اعتقالات سوريين ومصريين
وجاءت التخوفات من حملات اعتقال جديدة، إثر دخول المقاومة السورية دمشق، وهروب الأسد، إلى روسيا، وبدء احتفالات السوريين في مصر بمدينة "6 أكتوبر"، و"العبور"، (غرب وشرق القاهرة)؛ بعد أن ألقى الأمن القبض على العشرات منهم، الأحد الماضي، بتهم التظاهر دون تصريح، فيما ناشد الرئيس السابق لرابطة الجالية السورية في مصر، راسم الأتاسي، سلطات القاهرة للإفراج عنهم.
وأشارت الشبكة الحقوقية إلى أن السلطات الأمنية كثفت مؤخرًا من حملات الاعتقال التعسفي، لتطال العديد من المصريين، وإخفائهم قسريًا بمقرات "جهاز الأمن الوطني" و"معسكرات الأمن المركزي".
وقبل أيام، أيضًا، وخلال مداهمة أمنية من قوات أمن محافظة الشرقية (شمال شرق القاهرة) لبيت أحد المصريين المعارضين لنظام السيسي، والمطارد منذ عام 2014، بعيدًا عن أسرته في قرية شلشلمون، سقط من الدور الرابع أثناء هروبه ليقضي في الحال، وفق رواية الأمن الوطني.
لكن مركز "الشهاب لحقوق الإنسان"، و"الشبكة المصرية لحقوق الإنسان"، قد اتّهما "الأمن الوطني" بتصفية عبد الباسط الحلابي، وإلقاء جثمانه من الدور الرابع، وسط صراخ الأهالي، مع تهديد أسرته بالاعتقال حال كشف حقيقة قتله عمدًا.
كذلك، كشف معتقل مصري سابق عن تحذيرات وصلته من محامين حقوقيين من احتمالات اعتقاله مجددًا، هو ونجله، -جرى اعتقالهما سابقًا لفترات متفاوتة ثم إخلاء سبيلهما- قائلاً: "سآخذ التحذير على محمل الجد"، وفقًا لـ"عربي 21".
السيسي يستغيث
وكان تقرير إسرائيلي قد توقّع قبل أيام حدوث "نشاط وقائي الأيام المقبلة من وحدات الشرطة وأجهزة الأمن بدول المنطقة ضد نشطاء الجماعات..؛ وذلك لمنع ما حدث في سوريا على أراضيهم"، ملمّحًا لمخاوف حكومة السيسي من تكرار المشهد السوري.
إلى ذلك، كشفت صحيفة "معاريف" الصهيونية، الأربعاء الماضي، عن أن السيسي، تقدم بنداء عاجل إلى دولة الاحتلال لإنقاذ نظامه من أي تحركات مماثلة لما جرى ضد بشار الأسد في سوريا، مؤكدة أن هذا كان السبب الرئيس لزيارة رئيسي الأركان والشاباك الإسرائيليين، للقاهرة، الثلاثاء الماضي.
جمود الأسد وجمود السيسي
إثر انهيار نظام الأسد في سوريا، الأسبوع الماضي، وإخلاء سبيل آلاف المعتقلين من سجونه، يؤكد البعض وبينهم الناشط هشام قاسم، أنه بعد خروج أغلب نزلاء سجون سوريا فإن سجون مصر أصبحت في الصدارة من حيث أعداد المسجونين السياسيين، مبينًا أن: "الوضع تجاوز مرحلة القمع وحكم الحديد والنار ودخل بحالة أقرب للاضطراب النفسي".
وقال قاسم عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إنّ: "تقارير المنظمات الدولية تقول بوجود مليون سجين سياسي بالعالم، وبمصر بين 60 إلى 100 ألف سجين، و20 ألفا في ميانمار، و1500 بروسيا، و500 بالجزائر وفنزويلا، والبقية بـ52 دولة شمولية ومستبدة".
وفي السياق نفسه، لفت إلى قول صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن سقوط الأسد جاء "لجمود حكومته وعدم مواكبة سرعة التغير بالمجتمع السوري"، مشيرًا إلى أن نظام السيسي، يعاني ذات الجمود وأنه سيتمنى لو تراجع عن هذا الجمود.
وإثر خروج آلاف المعتقلين السياسيين في سوريا من سجون الأسد، وبينها "صيدنايا"، وفروع أمن الدولة هناك، دعا الناشط الحقوقي هيثم غنيم، أسر المختفين قسريًا في مصر طوال الأعوام السابقة لتسجيل أسمائهم وصورهم وتاريخ اختفائهم، لتوثيق المعلومات حولهم لتفادي كارثة مشابهة لما جرى في سوريا.
"الورقة المتبقية له"
في قراءته لدلالات ما يثار عن الاعتقالات في مصر، تحسبًا لتكرار المشهد السوري خاصة مع اقتراب الذكرى الـ14 لثورة يناير 2011، وتوقع مراقبين لعام جديد ساخن ورافض لبقاء السيسي، قال الحقوقي هيثم أبو خليل: "لا يتعظ نظام مستبد ديكتاتوري أبدًا بنماذج أخرى، لأنه يرى نفسه نموذجًا متفردًا ليس شبيهًا لآخر".
وأوضح أبو خليل أنّ: "ملف المعتقلين هو أحد الأوراق الرئيسة للنظام وليس عنده أوراق فرعية"، مشيرًا إلى أن "دولاً إقليمية عديدة لديها أوراق كثيرة كوسائل ضغط؛ ولكن مصر للأسف الشديد وبرغم أن لديها وسائل ضغط مهمة لكنها تفقدها، تباعًا"، وفقًا لـ"عربي 21".
وألمح إلى أنها "فقدت ورقة الصومال بالتقارب الصومالي الإثيوبي الأخير، وفقدت ورقة فلسطين بالتنازل وغض الطرف عن احتلال الكيان الصهيوني لمحور صلاح الدين، وغلق معبر رفح وتجريفه وتدميره، وفقدت الورقة الإفريقية بضعف تواجدها، وفقدت أيضًا الورقة الليبية على الحدود الغربية".
أيضًا، أعرب عن أسفه الشديد، من أنهم "لا يملكون إلا ورقة المعتقلين السياسيين من الإسلاميين في مصر، ويعرضون أنفسهم كونهم قاهري هذا المشروع وتلك التجربة، كما أن لديهم حرصًا شديدًا على أن يبينوا للاحتلال الصهيوني وللغرب أنهم مستمرون في هذا الملف وهذا القمع".
وفي نهاية حديثه، أكد أن ذلك "يكشف ازدواجية معايير الغرب، وتواطؤَهم في استمرار اعتقال الأبرياء في مصر؛ تحت عنوان حماية الاحتلال، وعدم رجوع المارد الإسلامي وخروجه من القمقم الذي وضعه فيه السيسي".
وفيات في السجون
وتشهد السجون وأقسام الشرطة ارتفاعًا بمعدلات الوفيات نتيجة لتردي أوضاع الاحتجاز وافتقار أماكن الاحتجاز إلى الحد الأدنى من معايير الرعاية الصحية والطبية، وفق حقوقيين.
وخلال الشهر الجاري شهدت السجون والمعتقلات 4 حالات وفاة بسبب الإهمال الطبي والتعنت مع السجناء وحرمانهم من حقهم في العلاج وإدخال الدواء، وباقي حقوقهم التي يكفلها القانون والدستور المحلي، وفق منظمات محلية.
وبحسب رصد وتوثيق لهم، توفي المعتقل إبراهيم خالد (64 عامًا)، بسجن وادي النطرون، إثر إصابته بجلطة دماغية، لتوافيه المنية بعد 10 سنوات من اعتقاله عام 2014 من أبوصوير بمحافظة الإسماعيلية (شرق القاهرة).
وبعد أيام من إجرائه عملية دقيقة في العمود الفقري، جرى اعتقال المهندس محمد عز الدين الشال (58 عامًا)، تعسفيًا، واحتجازه بمقر الأمن الوطني بمدينة ههيا، مسقط رأس الرئيس الراحل محمد مرسي، بمحافظة الشرقية، لتحدث له وفاة غامضة الثلاثاء الماضي.
وفي 2 ديسمبر الجاري، حصلت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان على معلومات تفيد بوفاة معتقل سياسي محتجز احتياطيًا في سجن "بدر"، دون تمكنها من الكشف عن هوية المعتقل وملابسات وفاته.
كذلك، أدانت الشبكة "استمرار منهجية الاعتقال العشوائي خارج إطار القانون، وغياب الرقابة أو المحاسبة، فضلا عن سياسات الإفلات من العقاب".
وبعد حبسه 3 سنوات وتعذيبه بقسم شرطة ديرمواس بالمنيا في صعيد مصر، ما أدى لإصابته بالشلل وتدهور حالته الصحية ما أدى به لجلطة دماغية وفقدان للذاكرة، توفي المعتقل السياسي فضل سليم محمود (64 عامًا)، بسجن المنيا مطلع الشهر الجاري.
"المراجعة الدورية.. وقلق حكومي"
انتهاكات حقوق الإنسان، ستكون حاضرة خلال المراجعة الدورية الشاملة UPR التي تتم كل 4 سنوات لسجل حقوق الإنسان في مصر بمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، في جنيف بسويسرا، المقررة الشهر المقبل.
وتعرضت حكومة السيسي قبل 4 سنوات وخلال الاستعراض السابق في 2019، لانتقادات واسعة، وتلقت 375 توصية شملت 28 توصية بشأن وقف توقيع عقوبة الإعدام، و7 توصيات تتعلق بالاختفاء القسري، و29 توصية متعلقة بوقف التعذيب وسوء المعاملة، و19 توصية تتعلق بالمحاكمات العادلة والمنصفة.
وشملت الانتقادات فرض القيود على المجال العام والتضييق على عمل الأحزاب السياسية والنشطاء وفرض إجراءات تحد من حرية الإعلام والصحافة، إلى جانب الاعتقالات والاحتجاز التعسفي، وما يشوب المحاكمات من تقييد لحقوق المسجونين في الدفاع عن أنفسهم.