في ظل استمرار الحرب الصهيونية على قطاع غزة، تتصاعد المخاوف الدولية بشأن الوضع الإنساني المتدهور في شمال القطاع، حيث يعاني السكان من حصار خانق ودمار هائل.
العديد من التقارير الصحفية والتحذيرات الدولية سلطت الضوء على الأبعاد الإنسانية الكارثية التي يعيشها الغزيون في شمال غزة، وسط تصاعد الجوع والموت نتيجة القصف المستمر ومنع وصول المساعدات الإنسانية.
المخاوف الصهيونية من إعلان المجاعة
في وقت سابق، حذر إعلام الاحتلال من إعلان حالة مجاعة في شمال قطاع غزة، والتي قد تؤدي إلى تداعيات سياسية خطيرة على الاحتلال.
قناة "كان 11" العبرية ذكرت أن منظمات دولية مثل "آي بي سي" (التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي) قد حذرت من خطورة الوضع الغذائي في شمال القطاع، مشيرة إلى أن منطقة جباليا في شمال غزة تعيش وضعًا كارثيًا بسبب نقص الغذاء والمياه.
سليمان مسودة، مراسل الشؤون السياسية في القناة، أشار إلى أن إعلان المجاعة قد يؤدي إلى فرض عقوبات على الاحتلال من قبل الدول الغربية، مما قد يصل إلى مجلس الأمن الدولي.
وفي سياق متصل، طالب قائد سلاح الجو الصهيوني سابقًا إيتان بن إلياهو بالإبقاء على جيش الاحتلال في قطاع غزة، مؤكدًا أن "الوضع في غزة لا نهاية له" وأن "الملايين قد يصبحون إرهابيين".
الوضع الإنساني في شمال غزة: كارثة غير مسبوقة
من جهة أخرى، سلطت صحف عالمية مثل "واشنطن بوست" الضوء على المعاناة الإنسانية في شمال غزة، حيث وصف تقرير الصحيفة المجتمع الغزي بأنه "مقبرة" بعد أن راح ضحيته أكثر من 43 ألف شهيد.
ووفقًا للمصادر، فإن 80% من الشهداء سقطوا نتيجة انهيار المباني على رؤوسهم، وكان أغلبهم من النساء والأطفال.
وفي تقرير آخر نشرته "تايمز أوف إسرائيل"، أظهرت استطلاعات الرأي في الكيان المحتل انقسامًا كبيرًا بين جمهور الاحتلال الصهيوني بشأن الحرب على حزب الله اللبناني، مما يضيف مزيدًا من التعقيد للوضع في المنطقة.
حصار شمال غزة: مطالب دولية بإعلان المجاعة
كما طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بتصعيد الضغط الدولي على المنظمات الأممية لإعلان المجاعة رسميًا في شمال غزة، حيث يعيش مئات الآلاف من السكان تحت حصار خانق، مع منع دخول المساعدات الإنسانية منذ أكثر من 50 يومًا.
منذ 25 سبتمبر، فرض الاحتلال الصهيوني حصارًا شاملاً على شمال غزة، مما أدى إلى استشهاد نحو 1900 فلسطيني وتدمير مئات المنازل.
كما أجبرت الهجمات الجوية على نزوح عشرات الآلاف من سكان المنطقة.
وأكد المرصد أن الفلسطينيين في غزة لا يزالون يعانون من شح في الغذاء والمياه، بينما يعيش العشرات منهم في مراكز الإيواء أو في منازل مدمرة، يواجهون الموت جوعًا أو نتيجة قصف الاحتلال المستمر.
الانقسام الداخلي في الكيان الصهيوني وتأثيرات الحرب
على الصعيد الداخلي، أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة "هآرتس" انقسامًا عميقًا بين الصهاينة المحتلين حول كيفية التعامل مع حرب غزة وحزب الله.
وأظهر الاستطلاع أن 46.5% من المستوطنين يعتقدون أنه يجب التوصل إلى اتفاق دبلوماسي مع حزب الله، بينما يعتقد 46% أن الحرب يجب أن تستمر للقضاء على تهديد الصواريخ.
وفي هذا السياق، أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأن واشنطن أوقفت صفقة كانت تشمل بيع 130 جرافة "دي 9" للاحتلال، بعدما تبين أن هذه الآلات تستخدم في هدم المنازل في غزة؛ وهو ما يعكس تزايد الضغوط الدولية على الاحتلال بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في القطاع.
ما وراء التصعيد العسكري: التطهير العرقي وتداعياته
في إطار التصعيد العسكري، باتت هناك تساؤلات حول ما إذا كان الاحتلال يمارس سياسة تطهير عرقي في القطاع.
وفقًا لعدد من التقارير الدولية، بدأ الاحتلال الصهيوني في تقسيم قطاع غزة إلى مناطق معزولة، بما في ذلك ما يسمى "المحور الأمني" على الحدود مع مصر، مع التركيز على إبعاد السكان الفلسطينيين عن شمال غزة وتهجيرهم إلى مناطق أخرى مثل سيناء.
وحذر الناطق باسم الأمم المتحدة من أن الوضع في شمال غزة يتجاوز الخيال البشري، مشيرًا إلى أن السكان في تلك المناطق قد وصلوا إلى نقطة الانهيار، مع تدمير واسع للبنية التحتية وحرمان الناس من أبسط مقومات الحياة.