شهدت مصر في السنوات الأخيرة العديد من المشاريع التنموية التي تم الترويج لها على أنها ستساهم في تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد، ومن أبرزها مشروع ربط بحيرة فيكتوريا بالبحر المتوسط. هذا المشروع، الذي وضع حجر أساسه الرئيس الراحل محمد مرسي، يبدو اليوم وكأنه أمل جديد للعديد من الدول الأفريقية، لكنه يطرح أيضًا تساؤلات حول قدرة النظام الحالي بقيادة عبد الفتاح السيسي على تحقيق هذا الحلم. مشروع مرسي: رؤى طموحة لمستقبل مشترك عندما أُعلن عن مشروع ربط بحيرة فيكتوريا بالبحر المتوسط في عهد محمد مرسي، كانت الفكرة تمثل رؤية استراتيجية تهدف إلى تحسين التعاون الاقتصادي والتجاري بين دول حوض النيل. هذا المشروع كان يُعتبر خطوة حيوية لتعزيز الروابط بين الدول الأفريقية وتسهيل حركة التجارة من وسط أفريقيا إلى الأسواق العالمية. مرسي كان قد أظهر اهتمامًا واضحًا بتعزيز العلاقات الأفريقية، وعُرف عنه حرصه على وضع مصالح مصر في المقدمة. تتحدث الدراسات عن أهمية هذا المشروع الذي يُعتبر "شريان حياة" للتجارة الأفريقية، حيث يربط العديد من الدول مثل كينيا وأوغندا والسودان ومصر. لكن في ظل حكم السيسي، يبدو أن هذا المشروع أصبح مجرد ذكرى تُذكر في الاجتماعات، مع عدم وجود خطوات فعلية نحو تحقيقه. الفشل الإداري لنظام السيسي بعد الانقلاب العسكري الذي قاده السيسي، أُهملت العديد من المشاريع التي بدأها نظام مرسي، بما في ذلك مشروع ربط بحيرة فيكتوريا. على الرغم من تصريحات الحكومة الحالية حول أهمية المشروع، فإن الواقع يثبت أن السيسي يعتمد بشكل أساسي على إنجازات مرسي وحكومته. تشير التقارير إلى أن تكلفة المشروع تصل إلى 11 مليار دولار، وهي قيمة ضخمة تتطلب التزامًا حقيقيًا من الحكومة المصرية. لكن، ما هو واقع التزام السيسي؟ كيف يمكن الوثوق بنظام تميز بإدارته السيئة وتضخيم الفساد المالي؟ الأهداف الحقيقية للمشروع بالرغم من أن السيسي يحاول الترويج للمشروع كجزء من رؤية مستقبلية لمصر، فإن هناك شكوكًا كبيرة حول نوايا الحكومة الحالية. هل المشروع يهدف حقًا إلى تعزيز التعاون بين الدول الأفريقية، أم أنه مجرد وسيلة للسيطرة على مصادر المياه والنيل، خاصة مع تنامي المخاوف من مشروع السد الإثيوبي؟ يُعتبر المشروع أيضًا وسيلة للتأكيد على "هيبة" النظام الحالي، على الرغم من عدم وجود أي إنجازات تذكر على الأرض. من الممكن أن يكون الهدف الحقيقي هو تقديم صورة إيجابية عن الحكومة أمام المجتمع الدولي، بغض النظر عن تحقيق الأهداف المعلنة. الحاجة إلى الوعي والمحاسبة الواقع السياسي والاجتماعي في مصر يتطلب وعيًا أكبر من المواطنين بشأن الأمور المتعلقة بمشاريعهم الوطنية. يجب أن يكون هناك ضغط شعبي حقيقي على الحكومة للمطالبة بالشفافية والمحاسبة. مشاريع مثل ربط بحيرة فيكتوريا بالبحر المتوسط تحتاج إلى خطة شاملة واضحة، وليس مجرد شعارات تُرفع في الاجتماعات. في الختام، يبقى مشروع ربط بحيرة فيكتوريا بالبحر المتوسط حلمًا مشتركًا يجب أن يتحقق، ولكن هذا يتطلب نظامًا حكوميًا مسؤولًا وشفافًا، بعيدًا عن الفساد والفشل. على الرغم من الجهود المبذولة للترويج لهذا المشروع، فإن القيادة الحالية، بقيادة السيسي، بحاجة إلى التوجه نحو تحقيق إنجازات حقيقية تنعكس إيجابًا على حياة المواطنين، وليس مجرد الاعتماد على إرث محمد مرسي.

