حلمى داود
الحمد لله رب العالمين .والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اللهم صل على محمد البشير النذير . القائد الذى قاد سفينة العالم الحائرة الى شاطئ الله رب العالمين . الامى الذى علم المتعلمين .التقى النقى العربى الهاشمى الامين وارض اللهم عن سادتنا ابى بكر وعمر وعثمان وعلى ومن سار على دربهم الى يوم الدين.
فى هذه السلسلة اخوتى الكرام نتحدث ونعيش ونتامل فى بناء النفس لان بناء النفس هو اللبنة الاولى فى ريادة البشرية وقيادتها نحو الاسلام العظيم والأخذ بزمام الناس الى الله رب العالمين وقد خاطب الله تعالى عبادة قائلا جل فى علاه ) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)).
(فلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) (بَلِ الإنسان عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)
(كل نفس بما كسبت رهينه).
وعن ابى هريرة رضى الله عنه انه مر على قوم يتعلمون العلم فقال لهم انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( تعلموا العلم ماشئتم والله لن تؤجروا حتى تعملوا بما علمتم )
وفى الحديث ( غزا نبى من الانبياء فقال لقومه . لا يتبعنى رجل ملك بضع امرأة وهو يريد ان يبنى بها ولم يبن . ولا آخر قد بنى بيتا ولم يرفع سقفه . ولا اخر قد اشترى غنما او خلفات وهو منتظر ولادها . فال فغزا فادنى للقرية حين صلاة العصر او قريبا من ذلك . فقال للشمس انت مأمورة وأنا مأمور . اللهم احبسها لى فحبسها له حتى فتح الله عليه ) اخرجه البخارى ومسلم
ففى الحديث اعاد نبى الله كل من له علائق بالدنيا وفى الحديث ان لقوم اذا غربت الشمس اوقفوا القتال حتى شروقها وقد اوشك هذا النبى على الفتح ولو غربت الشمس لتوقفت الحرب وأعاد العدو ترتيب صفوفة وزادت مقاومته . فما كان منه إلا ان خاطب الشمس بان تتوقف.
وقال عبد الله بن المبارك ( اعربنا فى الكلام فلم نلحن ولحنا فى العمل فلم نعرب )
وقال عيينه ( نظرت فى أمر الصحابة وفى امر عبد الله بن المبارك فما رايت لهم عيه فضلا الا الصحبه للنبى صلى الله عليه وسلم
ويقول الشيخ عبد القادر الجيلانى رحمه الله ( وهو امام الحنابلة وشيخهم فى عصره .. فقيه .. صالح . دَينٌ خير .كثير الذكر. دائم الفكر . سريع الدمعة . عاش تسعين سنه ومات عام 561 ه وشيعه خلق لا يحصون )يقول ( ماء الاساس الفقه فى الدين فقه القلب لا فقه اللسان .. فقه القلب يقربك من الحق وفقه اللسان يقربك من الخلق وملوكهم .. فقه القلب يتركك فى صدر مجلس القرب من الحق عز وجل ويصدرك ويرفعك ويقرب خطاك الى ربك جل وعلا )... ويفهم من كلام الشيخ الاهتمام بتربية النفس وليس ترك الفقه
والصالحون والمخلصون فى طريق الدعوة الى الله عز وجل يريدون تحقيق غايتهم برضوان الله ودخول الجنه التى هى سلعة الله الغالية .. وطلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب (ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بان لهم الجنه )
ونحن امام هذة الحقيقة لابد ان نقف امام انفسنا وذواتنا وقفة جادة لنتعرف على هذة الذات ونعدها بما يناسب هذا المطلب الغالى (رضوان الله ودخول الجنة)
من اجل ذلك كان هذا الموضوع
(فاذا وجد المسلم الصالح وجدت معه اسباب النجاح )
والذين يسيرون ويعملون للتمكين لدين الله تعالى يؤمنون بالتربية وسيلة لابد منها ولا بديل عنها .. وان هذه التربيه متدرجة .. وان الهدف من التربيه هو ايجاد جيل صالح يحمل صفات جيل التمكين ليكون هو الاساس فى بناء استاذية العالم
لذلك كان اول مراحل هدف التمكين لدين الله وتعبيد الارض لله هو ايجاد الفرد المسلم واعداده اليها. والذى يحمل فى نفسه رؤية حتى يصبح مسلما يعيش من اجل رسالة والرسالة هى المهمة التى يريد الوصل اليها .. ويحمل فى نفسه رؤية .. وهى الهدف الخاص سواء اكان ماديا او ايمانيا او اجتماعيا او صحيا او ثقافيا
والناس امام هذه الرسالة وتلك الرؤية اربعة اصناف:
الاول صنف يحمل رسالة ورؤية فهو يملك السعادة والنجاح.
والصنف الثانى يحمل رسالة بلا رؤية فهو يملك السعادة ولا يملك النجاح.
والصنف الثالث لا يحمل رسالة وله رؤية فهو لا يملك السعادة ويملك النجاح.
اما الصنف الرابع لا يملك الرسالة ولا الرؤية فهو لا يملك السعادة ولا يملك النجاح.
هذه الرسالة وتلك الرؤية هى التى تعكس اهتمامات الفرد وتصوراته وأحلامه وطموحاته وأقواله وأفعاله سره وعلانيته.

