24/11/2010
فراج إسماعيل
"ما لا يدرك كله لا يترك جله".. بهذه القاعدة الشرعية يمكننا مناقشة فضيلة الشيخ عبدالمنعم الشحات الرمز السلفي المعروف في رفضه الذهاب إلى صناديق الانتخابات يوم الأحد القادم والتصويت للإخوان.
لقد أتى الشيخ الشحات بتبريراته الفقهية وهو لا شك عالم كبير له شأنه ومكانته وعلمه الكبير، لكننا نرى من وجهة نظرنا أن القواعد التي استند إليها للمقاطعة مستحيلة في الزمن الحالي والمستقبلي الطويل إلى أن يرى الله أمرا كان مفعولا.
يقول في حواره مع شبكة أون إسلام: الديمقراطية ليست هي الشورى الإسلامية المقيدة بالوحي. وفيما أراه تناقضا انتقد نزول الإسلاميين – يقصد جماعة الإخوان – بسقف طموحاتهم إلى أن يكونوا جبهة معارضة فقط فلا يخوضون الانتخابات إلا على 30% فقط من المقاعد لا يفوزون بها كلها بطبيعة الحال!
والسؤال: كيف يمكن أن يمتد طموحهم لما هو أبعد وإخوانهم السلفيون لن يعطوهم أصواتهم أو لن يشاركوا في الانتخابات من الأصل؟!
وليسمح لي فضيلة الشيخ الشحات أن أسأله.. كيف يمكن إصلاح المجتمع فيما تقاطع التفاعل فيه ومعه فئة معتبرة ومؤثرة من علمائه الكبار الذين يجب أن يتقدموا إلى المواقع الإمامية لقيادة التغيير؟!
غياب الإسلاميين عن مجلس الشعب القادم سيتسبب في بلاوي كثيرة ينتظرها العلمانيون واستبشروا بتحقيقها في ظل هذا الحديث عن المقاطعة الذي يصدر منه ومن غيره من علماء السلف الكبار كالشيوخ ياسر برهامي ومحمد اسماعيل وسعيد عبدالعظيم، في حين أن أنظارهم من علماء الأردن أجازوا المشاركة في الانتخابات، ومنهم الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان الذي قال إن "مقاطعة الانتخابات ليست ميزة ولا حسنة ولا عبادة؛ لأنها أمر واقع شئنا أم أبينا".
يقول الشيخ الشحات: لا نستطيع أن نسعى إلى تطبيق الشريعة من خلال الديمقراطية إلا بالإقرار بالديمقراطية من حيث المبدأ.. والسؤال المحير فعلا: بأي شيء آخر يمكن ذلك.. هل تتصور أنه يمكن إقامة دولة الخلافة أو إعلان الدولة الإسلامية بأدوات أخرى؟!.. وإذا كانت الإجابة بالنفي هل ننسحب من الحياة السياسية ونترك تشريعاتها لثلة من العلمانيين ينتظرون فرصة مواتية للانقضاض على كل ما بقي للإسلام في مصر؟!..
في مجلس الشعب القادم هناك من يجهز لطرح قرار بالغاء مادة الشريعة الإسلامية من الدستور وطرحه للاستفتاء الشعبي الذي ستكون معروفة نتائجه مقدما.. الشيخ نفسه استبعد ذلك في حواره وبناه على عدم التلازم سابقا بين الانتخابات وبين التعديلات الدستورية.
والواقع أن 88 مقعدا للإخوان في مجلس الشعب السابق كان صداعا للعلمانيين وحائط صد مؤثرا أمام طرح مقترح لتعديل المادة الثانية من الدستور أو حتى الاقتراب منها بالهمز واللمز، حتى لو ظن البعض أن الرأي في النهاية للأغلبية الساحقة للحزب الوطني.
الضجة التي يثيرها النواب الإسلاميون في البرلمان تستطيع أن ترعب من في صدورهم مرض من غير أن تكون أغلبية، بل إن بعض نواب الحزب الوطني هم إسلاميون في قرارة صدورهم أو عندهم غيرة إسلامية، لكنهم ينتظرون التحفيز واشعال تلك الغيرة أو تحريكها وهو ما تفعله كتلة الإخوان أو أي كتلة من المستقلين تشعر أن أصوات السلفيين وغيرهم هي التي أوصلتهم إلى البرلمان.
__________
المصدر: المصريون

