09/12/2009
محمد كريشان :
هذا التعبير يطلقه البعض تندرا على مجموعة الصحافيين في أكثر من دولة عربية التي تكون عادة على أهبة الاستعداد الكامل للانطلاق القوي في أية معركة يكلفها بها نظام الحاكم لنصرته في قضية ما. وقد يحدث أن تتحرك هذه الكتيبة دون تكليف لأن منسوب الوطنية عندها أقوى حتى من السلطة نفسها ولهذا فهي لا ترى غضاضة في الانقضاض على بلد ما أو معارض ما لسحله والفتك به دون أن يقول لهم بالضرورة أحد الكبار: انطلقوا!!
بالكاد فرغ محمد البرادعي الرئيس السابق لوكالة الطاقة الذرية من إعلان الشروط التي يراها ضرورية لكي يتقدم بالترشح للانتخابات الرئاسية في مصر في أيلول/سبتمبر عام 2011 حتى جهزت هذه الكتيبة منصات إطلاق صواريخها وشرعت في رجمه بلا رحمة. هذه الهجمة المنظمة دفعت أحد قادة حزب الوفد المعارض إلى القول إن محمد البرادعي 'لم يكفر عندما أعلن نيته الترشح لهذه الانتخابات لأن هذا من حقه كما أن المطالب التي طالب بها هي مطالب كل الإصلاحيين المصريين المنتمين لأحزاب المعارضة وحتى أولئك الموجودين داخل الحزب الوطني'. واستبعد نفس المسؤول أن تكون الحملة التي شنتها الصحافة الرسمية المصرية على البرادعي موجهة معتبراً أن 'هناك للأسف بعض الجهات التي تعتبر نفسها ملكية أكثر من الملكً'.
للإنصاف لا بد من القول إن في مصر يوجد على الأقل من يرد بنيران مضادة على صواريخ هذه الكتيبة، سواء في هذه القضية أو غيرها. هذا التبادل هو ما يعطي رونقا خاصا للعرض اليومي الممتع للصحافة المصرية الذي تنشره 'القدس العربي' يوميا على امتداد صفحة كاملة ومنذ سنوات. ولكن في أكثر من دولة عربية أخرى لا نرى من يتصدى لهذه الكتيبة فهي تطلق صيحات الحرب وحدها و تطلق قذائفها عشوائيا لأنها تعلم جيدا أن لا أحد بمقدوره أن يتصدى لها داخل البلد. أما إذا حاول البعض الرد من الخارج على بعض هذه القذائف بمقالات يتيمة 'عابرة للقارات' فهم طبعا 'عملاء ومرتزقة'.
في هذه الدول تتقدم هذه الكتيبة في ميدان خلاء فلا أحد يمكن له مواجهتها بل ولا أحد يحاسبها عن 'جرائم الحرب' الصحافية التي ترتكبها. إنها متأكدة تماما من أن عناصرها فوق القانون ولا يمكن أن يتعرض لهم أحد بالمساءلة فهم أكثر تحصينا من جنود الاحتلال في العراق أو أفغانستان الذين لم يفلحوا لخيبتهم في الإفلات من العقاب.
ما يغيب عن ذهن الكثيرين من عناصر كتيبة 'التدخل السريع' في مصر وغيرها أن لـ 'الخدمة العسكرية' التي يقدمونها بحماسة منقطعة النظير عمرا محددا سينتهي في يوم من الأيام . وعندما سيحالون على المعاش لن يذكرهم الناس من حولهم وفي الشوارع سوى أنهم كانوا 'أصوات أسيادهم' وأن لا أحد سيذكرهم كصحافيين محترمين يمكن أن يكونوا موالين للسلطة، ولا عيب في ذلك، كما يمكن أن يكونوا معارضين لها. كلاهما من حق أي صحافي طالما التزم بأخلاقيات المهنة وأدار الصراع مع خصومه بعيدا عن الفجور في الخلاف. وفي الجيوش الحقيقية تبقى الكتيبة في مكانها مهما كان قائد الأركان أو وزير الدفاع أما الكتائب الصحافية عندنا فسيقع تسريح عناصرها بمجرد تغير قيــادة الأركان ليهيموا على وجوههم تــلاحقهم لعــنة وصف الكتيبة المنحلة على غرار الجيش العراقي المنحل. فرق واحد فقط في هذا التشبيه: أغلب ضباط هذا الجيش إما التحقوا بالمقاومة أو بالجيش النظامي الجديد لأنهم مهنيون ويجيدون القتال...أما هم فلن يوظفهم أحد.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إعلامي تونسي

