شهد مجمّع محاكم بدر، صدور واحد من أبرز الأحكام المرتبطة بقضايا الإرهاب خلال العام الجاري، بعدما قضت الدائرة الأولى إرهاب بالإعدام بحق معتقل، والسجن المؤبد لمدة 25 عاماً لاثنين آخرين، في القضية رقم 387 لسنة 2024 جنايات أمن الدولة العليا، المعروفة إعلامياً باسم «خلية جبهة النصرة الثانية».

 

وتعيد هذه الأحكام الجدل حول طبيعة القضايا المنظورة أمام دوائر الإرهاب، ومشكلات ضمانات العدالة التي لطالما أثارتها منظمات حقوقية محلية ودولية.

 

خلفية القضية وتفاصيل الاتهامات

 

تعود وقائع القضية، بحسب أمر الإحالة الصادر عن النيابة العامة، إلى الفترة الممتدة بين عام 2013 و9 أكتوبر 2021، حيث نُسب للمتهم الأول أنه سهّل التحاق المتهم الثالث بتنظيم نور الدين زنكي، أحد الفصائل المسلحة المرتبطة بـ«جبهة النصرة» في سورية.

 

وتضمنت التحقيقات اتهام المتهمين الثاني والثالث، وهما مصريان، بالسفر خارج البلاد والانضمام للتنظيم المذكور، وتلقي تدريبات عسكرية مكثفة في ساحات القتال، شملت أساليب استخدام الأسلحة والفنون القتالية والتخطيط لعمليات مسلّحة.

 

دفاع المتهمين: غياب الأدلة واعتماد على التحريات

 

من جانبه، قال المحامي أحمد حلمي، عضو هيئة الدفاع، إن فريق الدفاع لم يُمكّن من تقديم دفوعه القانونية خلال جلسات المحاكمة، رغم الطلبات المتكررة. وأكد أن ملف القضية «خالٍ تماماً من أي أدلة مادية» تربط المتهمين بارتكاب أعمال عنف داخل الأراضي المصرية.

 

وأوضح حلمي أن «النيابة والأمن الوطني لم يقدما أي ضبطيات لأسلحة أو مواد متفجرة أو محظورات بحوزة المتهمين»، مشيراً إلى أن الاتهامات «قامت حصراً على تحريات مكتبية، دون وجود شهود أو تسجيلات أو مضبوطات، ما يجعل القضية قائمة على استنتاجات أمنية لا ترقى إلى دليل إدانة».

 

سياق أوسع من الانتقادات الحقوقية

 

تأتي هذه الأحكام ضمن سلسلة من القضايا التي تنظرها دوائر الإرهاب منذ انتقالها إلى مجمع محاكم بدر عام 2023. ووفق منظمات حقوقية، تتسم هذه الدوائر بتسريع وتيرة المحاكمات، واعتماد واسع على التحريات الأمنية، وتقييد حضور الدفاع، إضافة إلى إصدار أحكام مغلظة تصل إلى الإعدام والمؤبد.

 

وتؤكد تلك المنظمات أن هذه الإجراءات تجري في مناخ تشهد فيه مصر حالة طوارئ غير معلنة، وقوانين استثنائية توسّع من صلاحيات أجهزة الأمن على حساب ضمانات المحاكمة العادلة، بما يشمل الحق في الدفاع، وإتاحة الوقت الكافي لدراسة الملفات، وتقديم شهود النفي، وفحص أدلة النيابة.

 

جدل مستمر حول قضايا الإرهاب

 

تثير هذه الأحكام جدلاً واسعاً بين المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين يطالبون بمراجعة أحكام الإعدام والتشديد، وإعادة النظر في الملفات التي تقوم على التحريات وحدها، بينما تؤكد السلطات القضائية أن دوائر الإرهاب تعمل في إطار القانون، وتتعامل مع قضايا تمثل تهديداً مباشراً لأمن الدولة.

 

ومع صدور الحكم اليوم، ينتظر أن تُقدَّم طعون أمام محكمة النقض من جانب هيئة الدفاع، التي تعوّل على إعادة فحص القضية من جديد، في محاولة لإلغاء الأحكام أو تخفيفها.