في تصريحات صادمة تكشف حجم الفشل والعجز، خرج قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي ليتباهى بأنه هو من أمر بإلغاء الدعم وزيادة أسعار الوقود، زاعمًا أن ذلك كان لـ"حماية الاقتصاد" و"إخراج البلاد من الفقر". لكن الواقع المرير يطرح سؤالًا صارخًا: أين هذا الاقتصاد الذي يدّعي حمايته؟ وأين البلد الذي زعم إنقاذها بعد أن سحق المواطن البسيط تحت وطأة التضخم والديون والفقر المدقع؟
تباهٍ بالجريمة الاقتصادية
أعلن السيسي في تصريحات رسمية أنه قرر "خفض الدعم لحل أزمة الفقر"، مشيرًا إلى أن منظومة الدعم تستنزف نحو 600 مليار جنيه سنويًا، منها 30 مليار جنيه لدعم أسطوانات الغاز فقط. وبدلاً من الاعتراف بفشل سياساته الاقتصادية الكارثية، تباهى بأنه هو من أصدر قرارات رفع أسعار الوقود والكهرباء، واصفًا ذلك بـ"الدواء الصعب والمؤلم". لكن هذا "الدواء" لم يعالج شيئًا، بل زاد المرض استفحالًا وحوّل حياة الملايين إلى جحيم يومي لا يُطاق.
زعم السيسي أن "الدولة تحتاج إلى 50 تريليون جنيه لتصرف بشكل جيد"، وأن إلغاء الدعم سيساهم في تقليص الديون. لكن الحقيقة المرة هي أن الديون تتفاقم والتضخم يلتهم دخول المواطنين والفقر يتمدد كالوباء، بينما يستمر النظام في بيع أصول الدولة بأبخس الأثمان.
اقتصاد منهار رغم الادعاءات
رغم محاولات النظام تلميع الصورة بأرقام نمو وهمية، يكشف الواقع عن اقتصاد يعاني من أزمات هيكلية عميقة. فمعدل التضخم الذي وصل إلى مستويات قياسية تجاوزت 38% في 2023، لا يزال مرتفعًا عند 12% تقريبًا رغم كل الادعاءات. والمواطن المصري يعاني من تآكل القوة الشرائية وانهيار مستوى المعيشة، بينما يتحدث السيسي عن "إصلاح اقتصادي" غير موجود.
الخبير الاقتصادي ممدوح الولي، نقيب الصحفيين الأسبق، حذر من أن سياسات بيع أصول الدولة التي يتبعها النظام هي "مسكنات مؤقتة" تفاقم الأزمة على المدى الطويل، مشيرًا إلى أن السيسي "يبيع أصولًا رابحة تدر عوائد دورية مقابل مبلغ مقطوع يُنفق سريعًا". وأكد الولي أن "عدد المشاريع التي يقوم بها نظام السيسي لا ترتقي لطموحات الشباب" وأن هناك "3 ملايين عاطل" في البلاد.
أصوات معارضة تفضح الكارثة
الإعلامي عماد البحيري، أحد أبرز الأصوات المعارضة، انتقد بشدة قرارات السيسي بمنع الدعم عن المصريين، متسائلاً: "لماذا منع السيسي التموين عن المصريين؟". وفي تحليلات متعددة، كشف البحيري عن حقيقة النظام وسياساته الاقتصادية الفاشلة التي تدفع الشعب ثمنها غاليًا.
الخبيرة الاقتصادية الدكتورة يمن الحماقي أكدت أن "الضغوط التضخمية ما زالت قائمة رغم تراجع المعدلات الرسمية"، وأن الاقتصاد المصري "يعاني من فجوة بين الإنتاج والأجور". وشددت على أن مصر "لم تخرج بعد من العاصفة"، بل تواجه تحديًا أخطر يتمثل في "ارتفاع الدين الخارجي".
أما الدكتورة علياء المهدي، أستاذة الاقتصاد، فلخصت غضب الشارع المصري بقولها: "كفاية قوي كده"، منتقدة سياسة بيع أراضي الدولة بدلاً من منح حق الانتفاع. وانضم إليها الخبير الاقتصادي إلهامي الميرغني الذي وصف بيع أصول الدولة بأنه "جريمة في حق المال العام" وتعدٍ على حقوق الأجيال القادمة.
الناشطة ماجدة محفوظ تكشف الانتهاكات
الناشطة الحقوقية ماجدة محفوظ أكدت وجود "امتعاض داخل المؤسسة العسكرية من وجود السيسي" لأنه "أرهقها بإحكام سيطرته على الشارع وفرض الإرهاب". وفي تصريحات عديدة، عملت محفوظ على "توضيح الانتهاكات التي يقوم بها السيسي في مصر للرأي العام الأوروبي" في ظل التعتيم المحلي.
فشل ذريع ومستقبل مظلم
بعد أكثر من عشر سنوات من حكم السيسي، لم يتحقق أي من وعوده الاقتصادية. القطاع الخاص يعاني من الانكماش المستمر، مع بقاء مؤشر مديري المشتريات تحت 50 نقطة لأشهر طويلة، ما يعني أن "القطاع الخاص لا يقود النمو" وأن الاقتصاد "يعتمد بدرجة رئيسية على مشروعات الدولة والتمويلات الخارجية". وهذا يضعف القدرة على خلق وظائف مستدامة ويزيد من "الهشاشة الاقتصادية أمام الصدمات الخارجية".
الخبير الاقتصادي هاني توفيق حذر من "خطة الحكومة للاقتراض المحلي الضخم الذي يتجاوز 2.5 تريليون جنيه". فيما أكدت تقارير المؤسسات المالية الدولية أن مصر ما زالت تعاني من "عجز الموازنة" و"عجز الميزان التجاري" و"ارتفاع الديون الخارجية".
تباهٍ بالفشل ودفع الشعب الثمن
حين يتباهى حاكم بأنه أفقر شعبه وسحب عنه الدعم، فهذا اعتراف صريح بالفشل والعجز. السيسي الذي زعم أنه يحمي الاقتصاد بإلغاء الدعم، لم ينجح إلا في تدمير ما تبقى من حياة كريمة للمصريين. الاقتصاد الذي يدعي حمايته غارق في الديون، والبلد التي زعم إنقاذها تعاني من أسوأ أزماتها الاقتصادية والاجتماعية. وبينما يستمر في بيع أصول الدولة وإفقار الشعب، تتعالى أصوات المعارضين من خبراء اقتصاديين وناشطين سياسيين تفضح هذا الفشل الذريع وتطالب بوقف هذه السياسات الكارثية قبل فوات الأوان.

