في ظل استمرار المعاناة الإنسانية في قطاع غزة، جاءت أمطار الشتاء الغزيرة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية لتزيد من تفاقم أوضاع مئات الآلاف من النازحين، حيث غمرت المياه خيامهم الهشة ودمرت ممتلكاتهم القليلة.

 

وتتزامن هذه الكارثة مع استمرار القيود الإسرائيلية على دخول المساعدات، مما دفع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية إلى تجديد مناشداتها العاجلة للمجتمع الدولي بضرورة الضغط لفتح المعابر وإغاثة السكان المنكوبين في القطاع.

 

أعداد الخيام المتضررة

 

أدت الأمطار الغزيرة والرياح العاتية إلى تدمير وإغراق آلاف الخيام في مختلف أنحاء قطاع غزة، مما ترك آلاف العائلات بلا مأوى مرة أخرى.

 

وتشير التقييمات الأولية إلى أن حوالي 7000 عائلة تقيم على طول الشريط الساحلي قد تضررت بشكل مباشر، حيث غمرت المياه آلاف الخيام وأتلفت الممتلكات.

 

وفي دير البلح، أفادت إحدى المنظمات الشريكة التي تدير 19 موقعاً للإيواء بأن 60 مأوى قد دُمر بالكامل و120 آخر تضرر بشدة.

 

وبحسب تقديرات مكتب الإعلام الحكومي في غزة، فإن 93% من إجمالي خيام النزوح في القطاع، أي ما يعادل 125 ألف خيمة من أصل 135 ألفاً، لم تعد صالحة للسكن بسبب العوامل الجوية والأضرار الناجمة عن القصف الإسرائيلي.

 

المناطق الأكثر تضرراً

 

تركزت الأضرار الأكبر في المناطق الساحلية والمنخفضة التي تضم تجمعات كبيرة للنازحين، وعلى رأسها منطقة المواصي التي تستضيف مئات الآلاف منهم.

 

كما تسببت الفيضانات في قطع الطرقات وممرات الوصول في مناطق أخرى مثل دير البلح، مما صعب من حركة السكان وعمليات الإغاثة.

 

وحذرت السلطات المحلية من أن البنية التحتية المدمرة، بما في ذلك شبكات الطرق والمياه والصرف الصحي التي دُمر 85% منها، تجعل المدينة "مشلولة تماماً" وتزيد من خطر حدوث فيضانات واسعة النطاق مع استمرار هطول الأمطار.

 

تدهور الحالة الصحية والاحتياجات الطارئة

 

تتسبب الظروف المعيشية الكارثية في تفشي الأمراض بشكل متسارع بين النازحين.

 

وتشكل الأمراض المرتبطة بالظروف السيئة، مثل الالتهابات الجلدية والتنفسية والمعوية، حوالي 70% من مجمل استشارات العيادات الخارجية في المراكز الصحية التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود في جنوب غزة.

 

ومع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة، يزداد خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الحادة التي تمثل بالفعل 67% من إجمالي الأمراض المسجلة.

 

وتبرز الحاجة الماسة إلى توفير الأدوية، ومستلزمات النظافة، والمياه الصالحة للشرب، بالإضافة إلى الأغذية العلاجية لمواجهة سوء التغذية الحاد الذي يعاني منه أكثر من 50 ألف طفل.

 

استجابة الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية

 

رغم التحديات الهائلة، تواصل الأمم المتحدة وشركاؤها تكثيف استجابتهم الإنسانية في غزة.

 

ففي الأول من نوفمبر، تم تنسيق إدخال 197 شاحنة مساعدات عبر معبري كرم أبو سالم وكيسوفيم، محملة بالمواد الغذائية والطحين.

 

كما بدأت مشاريع للتخفيف من آثار الفيضانات تشمل تنظيف شبكات الصرف الصحي، إلا أن نقص الوقود والزيوت اللازمة لتشغيل المولدات يهدد بتوقف هذه الخدمات الحيوية.

 

وتعمل فرق الحماية على مراقبة أوضاع النازحين وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي، مع التركيز على الفئات الأكثر ضعفاً.

 

دعوات لفتح المعابر

 

تتواصل الدعوات الدولية للضغط على إسرائيل من أجل فتح جميع المعابر التجارية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بشكل فوري وغير مشروط.

 

وقد ناشدت السلطة الفلسطينية المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لفتح المعابر، مؤكدة أن آلاف الشاحنات لا تزال عالقة في الخارج بينما يواجه كل بيت في غزة خطر الجوع.

 

من جانبه، أكد منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، توم فليتشر، أن المئات من الشاحنات التي يُسمح بدخولها لا تكفي لتلبية الاحتياجات الهائلة، مطالباً بزيادة كبيرة في حجم المساعدات وإشراك أكثر من 50 منظمة دولية في عملية التوزيع.

 

ويُعتبر فتح المعابر وإعادة إحياء القطاع الخاص والسوق التجاري الحل الأمثل لمنع نهب المساعدات وضمان وصولها إلى مستحقيها.