انطلقت عملية تصويت المصريين بالخارج في انتخابات مجلس النواب لعام 2025 داخل السفارات والقنصليات، وسط حالة من اللامبالاة الشعبية وغياب شبه تام للاهتمام الإعلامي والجماهيري.
هذه الانتخابات، التي تبدو وكأنها حدث يجري في معزل عن الواقع اليومي للمواطنين، تكشف عن فجوة متزايدة بين النظام الحاكم والشعب، حيث يرى كثيرون أنها مجرد مسرحية شكلية تفتقر إلى أي تنافس حقيقي أو تأثير فعلي على حياتهم.
مواعيد وإجراءات شكلية
وفقاً للهيئة الوطنية للانتخابات، بدأت عملية تصويت المصريين في الخارج للمرحلة الأولى يومي الجمعة والسبت، 7 و8 نوفمبر 2025، على أن تُجرى الانتخابات في الداخل يومي 10 و11 من الشهر نفسه.
وتستمر المرحلة الثانية في الخارج يومي 21 و22 نوفمبر، بينما تجرى في الداخل يومي 24 و25 نوفمبر. تم تجهيز 139 لجنة انتخابية في 117 دولة لاستقبال الناخبين.
ورغم الإعلان عن تنافس 2598 مرشحًا على المقاعد الفردية و4 قوائم بنظام القائمة المغلقة، إلا أن هذا المشهد الانتخابي يفتقر إلى الزخم السياسي والمشاركة الشعبية المتوقعة في أي عملية ديمقراطية حقيقية.
غياب الاهتمام الشعبي
المثير للدهشة هو أن قطاعاً عريضاً من المصريين، سواء في الداخل أو الخارج، لا يعلمون شيئاً عن هذه الانتخابات إلا عن طريق الصدفة.
يرجع هذا العزوف إلى عدة أسباب، أهمها فقدان الثقة في جدوى المشاركة السياسية في ظل سيطرة السلطة التنفيذية على كافة مفاصل الدولة، بما في ذلك العملية الانتخابية برمتها.
المواطن العادي، المثقل بالأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتلاحقة، لم يعد يرى في البرلمان مؤسسة قادرة على تمثيله أو الدفاع عن حقوقه، بل يعتبره مجرد أداة لتمرير سياسات الحكومة دون نقاش جاد أو معارضة فعالة.
حكومة تدير انتخابات لنفسها
ينظر الكثير من المراقبين إلى هذه الانتخابات باعتبارها عملية تديرها الحكومة لإنتاج برلمان موالٍ لها، يضمن استمرارية سياساتها دون أي رقابة أو محاسبة.
غياب المعارضة الحقيقية، وتضييق المجال العام، والقيود المفروضة على حرية الإعلام والتعبير، كلها عوامل حولت الانتخابات إلى مجرد إجراء شكلي يهدف إلى تجميل صورة النظام أمام المجتمع الدولي، دون أن يعكس إرادة حقيقية للناخبين.
مقاطعة سلبية واسعة
إن حالة اللامبالاة التي تتعامل بها الأغلبية الساحقة من المصريين مع انتخابات مجلس النواب ليست مجرد عزوف، بل هي شكل من أشكال المقاطعة السلبية. المواطنون، الذين يشعرون بأن أصواتهم لا قيمة لها وأن النتائج محسومة سلفاً، يفضلون الانشغال بهمومهم اليومية على المشاركة في مسرحية سياسية لا تقدم لهم أي أمل في التغيير.
هذا التجاهل الشعبي الواسع يمثل رسالة بليغة للنظام مفادها أن شرعيته أصبحت على المحك، وأن استمراره في تجاهل الإرادة الشعبية لن يؤدي إلا إلى مزيد من الاحتقان وفقدان الثقة.

