أعلن الكيان الصهيوني، المنطقة الواقعة على طول الحدود مع مصر منطقة عسكرية مغلقة، بدعوى أن هناك تهديدًا متزايد لتهريب الأسلحة بواسطة طائرات بدون طيار من الأراضي المصرية.

 

وأصبحت بذلك المنطقة الممتدة لأكثر من 200 كيلومتر منطقة عسكرية مغلقة، بما يسمح لجيش الاحتلال وفقًا لذلك استهداف أي طرف غير مُصرّح له يخترق المنطقة المحظورة. 

 

ويمنح القرار، الذي أعلنه وزير الأمن الصهيوني كاتس اليوم الخميس، الجيش سلطات واسعة النطاق لتقييد الوصول وتعديل قواعد الاشتباك ومعاملة توغلات الطائرات بدون طيار باعتبارها أعمال "إرهابية"- وهي الخطوة التي يقول مراقبون إنها قد تؤدي إلى تفاقم التوتر الإقليمي.

 

وقال كاتس إن هذا الإجراء ضروري، لأن الوضع "يشكل خطرًا على أمن الدولة ولا يمكن أن يستمر". وأضاف: "نعلن الحرب... كل من يدخل المنطقة المحظورة سيُستهدف".

 

تهريب الطائرات بدون طيار 


وأضاف كاتس في اجتماع أمني طارئ، أن "تهريب الأسلحة عبر الطائرات بدون طيار هو جزء من الحرب في غزة ويهدف إلى تسليح أعدائنا، ويجب اتخاذ كل الوسائل الممكنة لوقفه".

 

وأشار إلى أن "إسرائيل" يجب أن "تخلق ردعًا وتوضح لأولئك المتورطين في التهريب أن قواعد اللعبة قد تغيرت".

 

يأتي هذا الإعلان في أعقاب إنشاء وحدة خاصة جديدة أمر بها رئيس الأركان إيال زامير لمواجهة تهريب الطائرات بدون طيار من مصر.

 

وقال كاتس إن قواعد الاشتباك للجيش "سيتم تعديلها وفقًا لذلك"، وإن جهاز الأمن الداخلي (شين بيت) سوف يصنف تهريب الطائرات بدون طيار باعتباره "تهديدًا إرهابيًا"، مما يمنحه سلطات عملياتية أوسع.

 

وفي حين ينظر الكيان إلى هذه الخطوة باعتبارها جزءًا من مجهوده الحربي ضد "حماس"، يقول منتقدون إنها تعمل فعليًا على عسكرة الحدود التي ظلت مستقرة إلى حد كبير منذ معاهدة السلام مع مصر عام 1979.

 

وفقًا للمحللين، فإن هذا الإجراء قد يؤدي إلى تجدد الاحتكاك بين القاهرة وتل أبيب في وقت تكافح فيه الحكومتان لاحتواء تداعيات الحرب على غزة.

 

مخاوف بشأن تنامي قوة مصر

 

ويأتي ذلك بعد أن دعا إسحاق فاسرلوف، وزير النقب والجليل الصهيوني وعضو مجلس الوزراء الأمني، إلى اجتماع طارئ بشأن ما أسماه "الانتهاكات الأمنية المتزايدة على الحدود مع مصر والقوة العسكرية المتنامية للجيش المصري".

 

وفي رسالة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، زعم فاسرلوف أن هناك "اتجاهًا ثابتًا نحو البناء العسكري الواسع النطاق من قبل الجيش المصري، بما في ذلك الاستثمارات الكبرى في البنية التحتية وأنظمة القتال وقدرات القيادة والسيطرة".

 

ويعكس هذا الخطاب القلق المستمر داخل الكيان الصهيوني إزاء تحديث الجيش المصري، على الرغم من عقود من التعاون في مجال أمن حدود غزة.

 

ويرى مراقبون المراقبين أن اللغة التي يستخدمها كبار الوزراء تشير إلى انعدام الثقة المتزايد داخل الحكومة الصهيونية تجاه مصر، وهو ما ينشأ بسبب الضغوط السياسية الداخلية والصراع المستمر في غزة.

 

التصعيد أم الردع؟

 

أظهرت بيانات مقدمة إلى لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست الشهر الماضي ما يقرب من 900 محاولة تهريب على طول الحدود في الأشهر الثلاثة الماضية - أي ما يقرب من ضعف نفس الفترة في عام 2024. 

 

وأشار المسؤولون إلى السجائر والمخدرات و"الأسلحة التي لا نهاية لها - القنابل اليدوية والمسدسات وبنادق الكلاشينكوف" من بين المواد المهربة التي تم ضبطها.

 

وصرح كاتس بأنه تم الاتفاق على أن تعمل مديرية مكافحة الإرهاب التابعة لوزارة الدفاع على تطوير حلول تكنولوجية بالتعاون مع سلاح الجو، وأن يقوم مجلس الأمن القومي بالمساعدة في قضايا مثل الترخيص الإلزامي والتعديلات التشريعية المتعلقة باستخدام الطائرات المسيّرة وحيازتها وصيانتها. 

 

لكن المحللين يقولون إن هذه الخطوة تتجاوز مجرد التكنولوجيا: فهي تعيد تعريف الحدود الجنوبية كمنطقة قتال نشطة، وتضع مصر - التي كانت تاريخيًا شريكًا في التنسيق الأمني - كمصدر تهديد محتمل.

 

لكن هذا التحول يحمل في طياته مخاطر تعميق انعدام الثقة مع القاهرة وزعزعة استقرار واحدة من أكثر حدود الكيان الصهيوني أمنًا، الأمر الذي يثير تساؤلات حول ما إذا كانت "المنطقة العسكرية المغلقة" الجديدة علامة على اليقظة، أو على جنون العظمة المتزايد.

 

خطاب مستهلك

 

في المقابل، ردت مصر على لسان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان، الذي اعتبر أن المخاوف "الإسرائيلية" تكرار لخطاب "مستهلك"، وقال في تصريحات إعلامية مساء الأربعاء، إن "القاهرة سئمت من هذه الادعاءات التي تُستخدم لإلقاء المسؤولية على أطراف خارجية كلّما واجهت الحكومة الإسرائيلية مأزقًا سياسيًا أو عسكريا".

 

وأشار إلى أن الاتهامات المتكررة التي أطلقتها الحكومة "الإسرائيلية" المتطرفة ورئيسها نتنياهو ضد مصر بشأن التهريب والأنفاق مع قطاع غزة منذ عامين، "تهدف بالأساس إلى تغذية الخطاب الداخلي الإسرائيلي وإحياء صورة العدو التقليدي لصرف الأنظار عن الإخفاقات في غزة".

 

انتشار واسع للجيش المصري في سيناء

 

وكان الجيش المصري قد عزز خلال الأشهر الأخيرة وجوده العسكري في سيناء والمناطق الحدودية مع قطاع غزة، خاصة بعد سيطرة جيش الاحتلال على معبر رفح ورفضه الدعوات المصرية للانسحاب منه. ووفقًا لبيانات رسمية عدة، يأتي هذا الانتشار في إطار "إجراءات سيادية تهدف لحماية الأمن القومي ومنع تسلل العناصر المسلحة".

 

لكن يبدو أن حجم القوة العسكرية المصرية التي دخلت المنطقة يثير قلقً أوساط متعددة في الكيان الصهيوني على رأسها المستوى السياسي، حيث أعرب نتنياهو في سبتمبر الماضي عن مخاوفه من حشد مصر لقواتها العسكرية في سيناء.