كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، في تقرير مطوّل نقلاً عن مسؤولين أمريكيين وأوروبيين وعرب، عن زيادة غير مسبوقة في وتيرة تسليح دولة الإمارات لقوات الدعم السريع في السودان، عبر شبكة إمداد لوجستية تمرّ من خلال الأراضي الليبية والصومالية، في انتهاك واضح للحظر الدولي المفروض على توريد السلاح إلى أطراف الصراع في البلاد.
وبحسب الصحيفة، رصدت وكالات استخبارات أمريكية، من بينها وكالة استخبارات الدفاع ومكتب الاستخبارات التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، شحنات متزايدة من الأسلحة والمعدات العسكرية الإماراتية المتجهة إلى قوات الدعم السريع خلال الأشهر الماضية، لا سيما منذ خسارة تلك القوات سيطرتها على العاصمة الخرطوم.
طائرات مسيرة صينية وأسلحة ثقيلة
التقارير الاستخباراتية الأمريكية، التي يعود أحدثها إلى أكتوبر الجاري، أشارت إلى أن الإمارات زوّدت الدعم السريع بطائرات مسيّرة صينية الصنع من طراز “رينبو” (CH-95) التي تنتجها شركة “علوم وتكنولوجيا الفضاء” الصينية المتعاقدة مع الحكومة في بكين، إضافة إلى أسلحة خفيفة ومدافع رشاشة ثقيلة ومدفعية وذخائر متنوعة.
وأكدت مصادر استخباراتية أمريكية أن رحلات جوية إماراتية مكثّفة تمّت خلال الأشهر الأخيرة عبر ليبيا والصومال، حيث يجري نقل الشحنات برًّا إلى السودان عبر طرق غير شرعية، ما جعل تلك الإمدادات تشكل عاملًا حاسمًا في استمرار القتال وتصاعد العنف في إقليم دارفور ومدينة الفاشر.
حفتر في قلب شبكة الإمداد
التقرير أشار إلى أن الإمارات تستخدم الأراضي الليبية الخاضعة لسيطرة اللواء خليفة حفتر كمنصة لوجستية رئيسية لنقل الأسلحة إلى قوات الدعم السريع.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن أبوظبي أقامت جسراً جوياً عبر قواعد حفتر في الشرق الليبي، ومنها تُنقل الأسلحة إلى دارفور براً.
وتؤكد هذه المعلومات تقارير سابقة عن دعم إماراتي مباشر لحفتر خلال الحرب الليبية، وهو ما يعكس – بحسب دبلوماسيين غربيين – نهجاً متكرراً لأبوظبي في توظيف حلفائها الإقليميين لتمرير شحنات السلاح خارج الأطر القانونية.
اتهامات دولية وقلق أمريكي متصاعد
مصادر أمريكية تحدّثت لوول ستريت جورنال أعربت عن استياء إدارة الرئيس الأمريكي من السلوك الإماراتي الذي “يقوّض الجهود الدولية لوقف الحرب في السودان”، مشيرة إلى أن الدعم العسكري الإماراتي هو ما يُبقي قوات الدعم السريع قادرة على الصمود والمناورة ميدانياً رغم خسائرها المتكررة.
وقالت الصحيفة إن الجولة الأخيرة من المفاوضات التي استضافتها واشنطن قبل أيام باءت بالفشل، في ظل استمرار تدفق السلاح وغياب الإرادة السياسية لوقف النزاع.
جرائم حرب بطائرات حفتر
في سياق متصل، اتهمت منظمة "مشاد" السودانية قوات اللواء خليفة حفتر بالمشاركة الفعلية في الهجمات على المدنيين بمدينة الفاشر، من خلال سبع طائرات مسيّرة ساهمت في تحديد مواقع الأهالي واستهدافهم، ما أسفر عن مجازر مروّعة ضد النساء والأطفال.
وأكدت المنظمة أن ما تم رصده “يُشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، ويمثل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، مطالبةً بتحقيق دولي عاجل ومستقل لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، سواء من المنفذين أو الداعمين الخارجيين.
مرتزقة كولومبيون في صفوف الدعم السريع
في سياق آخر، كشفت صحيفة التلغراف البريطانية الشهر الماضي عن تجنيد مئات المرتزقة الكولومبيين للقتال في صفوف قوات الدعم السريع، مشيرة إلى أنهم تعرضوا للخداع من قبل شركات تعمل داخل الإمارات.
ووفقاً لشهادات أدلى بها بعض هؤلاء المقاتلين للصحيفة، فقد تلقوا وعوداً بالعمل في وظائف حراسة داخل الإمارات براتب شهري يبلغ نحو 2600 دولار، لكن بعد وصولهم إلى أبوظبي صودرت جوازات سفرهم وهواتفهم، وتم نقلهم إلى ليبيا ثم إلى دارفور للمشاركة في القتال دون علمهم المسبق.

