يشير التحليل المفصل للمشهد المصري 2025 إلى تناقضات صارخة في التعامل مع قضايا الأخلاق والإعلام، فبينما تتشدد النيابة في قضايا فردية أقل جرماً كقضية سوزي الأردنية، تتحاشى مواجهة الفحشاء المنتشرة بشكل أكبر في الإنتاج الفني والتغطية الإعلامية لمهرجان الجونة، رغم ظهور فنانين شبه عراة وحديثهم الجريء ومقاطع الأفلام التي تحمل إيحاءات وتجاوزات صريحة قد تكون أكثر فحشاً وتأثيرًا من فيديوهات أصحاب المنصات الفردية، كل ذلك في ظل تحديات اقتصادية واجتماعية عميقة.
سوزي الأردنية وموقف النيابة
النيابة العامة المصرية أبدت تشددًا لافتًا في قضية البلوجر سوزي الأردنية، حيث طالبت النيابة بتوقيع أقصى عقوبة لتحقيق الردع العام، واعتبرت أن المتهمة بثت مقاطع خادشة للحياء العام تضم إيحاءات جنسية ومواقف جريئة، وركزت النيابة على تأثير تلك المقاطع على الأطفال والقيم الأسرية، مؤكدة ضرورة وأد هذه الظواهر عبر الأحكام الرادعة.
لكن الغريب والمثير للانتباه هو أن هذه النيابة نفسها تغض الطرف بشكل واضح عن ظواهر الفحشاء الجنسية التي تتسرب عبر الأفلام والمسلسلات والفنانين الذين ظهروا شبه عراة، وأدلى بعضهم بأحاديث تحمل فحشاء لفظي وأخلاقي أمام الجمهور ووسائل الإعلام. وهذا ما يخلق تناقضًا صارخًا في منظومة العدالة الاجتماعية والأخلاقية وقيم الردع التي يفترض أن تحكمها القوانين.
هذا التغافل الممنهج من جانب النيابة يعطي رسالة مزدوجة للمجتمع: تشدد على من يمتلك منصة ضعيفة أو بدون "ظهر" قانوني أو سياسي، فيما يترك مجالاً واسعًا للانتشار المكثف للفحشاء ضمن الإنتاجات الفنية والثقافية، مما يقوض جهود حماية القيم الأسرية ويعمق أزمة الالتزام الأخلاقي.
كما ان مرافعة النيابة توضح ازدواجية غير مبررة في التطبيق القانوني: النيابة تعاقب بشدة فردًا بمداخل محدودة بينما تتجنب مساءلة من يمتلكون تأثيرًا واسعًا في المجتمع ويتجاوزون الحدود الأخلاقية بشكل أوسع بكثير. هذه السياسة تعكس خللاً في الأولويات وتساهم في تفاقم شعور الإحباط بين شرائح واسعة من الشعب، خصوصًا الشباب الذين يعانون من ضغوط اقتصادية واجتماعية متزايدة، ويبحثون عن نموذج سلوكي واضح ومسؤول يُحتذى به، لا ازدواجية وتشجيع غير معلن للفحشاء تحت غطاء الفن والثقافة.
https://www.youtube.com/watch?v=APZSQWFnDgc&t=1s
فنانو مهرجان الجونة والفحشاء الإعلامية
في المقابل، شهد مهرجان الجونة حضور فنانين بملابس جريئة وتصريحات مثيرة تتعدى حدود الإيحاء لتصل إلى النطق المباشر بالفحشاء أمام الجمهور ووسائل الإعلام، وتم تناقل تصريحات مثل مقولة يسرا حول يوسف شاهين في غرفة النوم وسلوكيات مشابهة من بعض الفنانين، كما امتلأت منصات التواصل بمقاطع من أفلام مصرية شهيرة تتجاوز في جرأتها مقاطع سوزي وغيرها من اليوتيوبرز.
https://www.youtube.com/watch?v=Xe3vld9IafQ&t=5s
https://www.youtube.com/watch?v=-ACRAQVVwhs&t=5s
غياب الموقف القانوني تجاه الفحشاء الفنية
رغم مطالبة المجتمع والناشطين بمساءلة من يروّج للفحشاء عبر الأعمال الفنية، لم تتخذ النيابة العامة إجراءات حقيقية ضد نجوم الفن أو الشركات المنتجة لأفلام ومسلسلات تتضمن مشاهد خادشة وجريئة، وركزت بالمقابل على أصحاب القنوات الفردية ممن لا حماية أو دعم لهم مثل مريم أيمن (سوزي الأردنية)، الأمر الذي اعتبره الكثيرون ازدواجية في تطبيق القانون وغياب العدالة في حماية القيم العامة.
فمن جهته كتب الإعلامي هيثم أبو خليل " النيابة العامة المصرية تنشر مرافعة ضد سوزي الأردنية بتهمة خدش الحياء والاعتداء على قيم المجتمع! أين كانت النيابة مما قالته يسرا في الجونة عن غرف النوم وأين أنتم من مواخير الساحل الشمالي التي تُبث على الهواء أليس اعتقال آلاف الأبرياء هو الخدش الحقيقي لقيم الوطن؟".
https://x.com/haythamabokhal1/status/1980925015643365536
الإعلامي محمد حمدي " بعض عن كل اللى اتقال عن المرافعة دى ممثل النيابة الشاب الجميل ده كان عارف ان المرافعة هاتتصور و المحاكمة أذنت بده وكان المقصود ليس تصدير قضية سوزى و إنما بروزة الشاب الكيوت ده و السر كله يكمن فى ده ابن مين لو عرفت هاتعرف سبب الحفلة دى بروزة الشاب الكيوت ده ( مجاملة يعنى)".
https://x.com/mohhamdyEg/status/1981123345048654081
وعلق الإعلامي محمد ناصر " من سوزي الأردنية لـ يسرا في الجونة.. مصر فرحانة بالتعري والعدالة بالمقاس!".
https://x.com/M_nasseraly/status/1981109508194631772
وسخر الإعلامي أسامة جاويش " مرافعة قوية للنيابة في قضية التيكتوكر.. سوزي الأردنية متهمة بإنها مبتذاكرش كويس!!".
https://x.com/osgaweesh/status/1981048115680440384
وأشارت صدى مصر " محتاجين النيابة العامة تعملنا مرافعة جامدة للفنانة يسرا زي ما عملت لـ #سوزي_الأردنية.. ولا دي مش إيحاءات؟".
https://x.com/sadamisr25/status/1980952853406765297
تأثير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية

في ظل أوضاع اقتصادية متردية ونمو محدود في عام 2025، يعاني الشباب وأغلب الأسر المصرية من ضغوطات معيشية ونقص فرص العمل، ما يساهم في انتشار الظواهر الاجتماعية السلبية كالدعارة والبلطجة، وتستغل شركات الإنتاج الإعلامي هذه الأوضاع لترويج مواد فنية تستهدف الإثارة بدلاً من دعم القيم أو معالجة مشاكل المجتمع الحقيقية، بينما يبقى النقد الموجه من طرف السلطة مركّزًا على الأفراد المتروكين بلا دعم أو خلفية سياسية أو إعلامية