شهدت مدينة غزة مساء أمس الاثنين واحدة من أعنف الضربات التي تلقّاها جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء عدوانه المتواصل على القطاع، بعدما وقع في كمين مركّب نفذته فصائل المقاومة الفلسطينية شمال حي النصر. وأسفرت العملية عن مقتل جنديين إسرائيليين على الأقل، وإصابة أكثر من 11 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، فضلاً عن تدمير وإعطاب عدة آليات عسكرية، بينها دبابات وجرافات.

 

مجزرة الآليات.. المشهد الميداني

وفقاً لروايات منصات تابعة للمستوطنين الإسرائيليين على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد استدرجت المقاومة قوة عسكرية إسرائيلية إلى منطقة مُفخخة، حيث جرى تفجير دبابة "ميركافاة" متطورة وجرافة عسكرية من طراز "D9"، قبل أن تُستهدف قوة الإنقاذ التي هرعت لنجدة المصابين بعبوات ناسفة وصواريخ مضادة للدروع.

ووصف ناشطون إسرائيليون ما حدث بـ "مجزرة الآليات"، في إشارة إلى حجم الخسائر في صفوف القوات المتوغّلة، مؤكدين أن المشهد أظهر مدى تعقيد العمليات التي تُنفذها المقاومة.

وأشارت المصادر إلى أنّ الآليات المستهدفة شملت مدرعتين "نمر" وجرافتين عسكريتين، جميعها أصيبت بدقة عالية بصواريخ مضادة للدروع، الأمر الذي أحدث إرباكاً شديداً لدى القوة الإسرائيلية في الميدان.

 

اشتباكات متواصلة

بالتوازي مع تفجير الكمين، اندلعت اشتباكات عنيفة بين مقاومي الفصائل وجنود الاحتلال الذين حاولوا التمركز في محيط حي النصر، وسط تحليق مكثف للمروحيات الإسرائيلية التي ألقت قنابل دخانية للتغطية على عمليات الإخلاء. وأفادت مصادر محلية أنّ أصوات الانفجارات وإطلاق النار ظلت تتردّد في أرجاء المدينة لساعات متواصلة.

 

عمليات نوعية متزامنة

لم تقتصر عمليات المقاومة على الكمين في حي النصر، إذ أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، أنها قنصت جندياً إسرائيلياً كان يتمركز على سطح أحد المنازل في محيط مخيم الشاطئ، مؤكدة إصابته إصابة مباشرة. كما كشفت عن تدمير آلية عسكرية إسرائيلية بصاروخ محلي الصنع من نوع MK84 في محيط مستشفى القدس بحي تل الهوى، وهو صاروخ أُعيد تجهيزه من مخلّفات الاحتلال السابقة.

وأضافت السرايا أنّ مجاهديها رصدوا عملية إخلاء جوي لقتلى وجرحى الاحتلال بعد العملية، مشيرة إلى أن الطيران الحربي الإسرائيلي اضطر للهبوط في المنطقة تحت وابل من نيران المقاومة.

في السياق ذاته، أكدت السرايا خوض اشتباك مباشر مع قوة إسرائيلية محمولة على جيبات "همر" في حي تل الهوى، يوم السبت الماضي، وأفادت بأن المقاومين أوقعوا إصابات مباشرة في صفوف القوة.

 

القسام يدخل على الخط

من جانبها، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قصفها موقع قيادة وسيطرة إسرائيلي شرق حي التفاح بعدد من قذائف الهاون، في عملية وُصفت بأنها استهداف مباشر لمراكز القيادة الميدانية.

وفي وسط قطاع غزة، أعلنت سرايا القدس عن إسقاطها طائرة إسرائيلية مسيّرة من نوع "كواد كابتر"، كانت تنفّذ مهاماً استخبارية في أجواء المنطقة.

 

الاحتلال في مأزق

وسائل إعلام عبرية وصفت الهجوم في غزة بأنه "الأصعب جداً" منذ أسابيع، معتبرة أن الجيش الإسرائيلي يواجه تحديات غير مسبوقة داخل الأحياء المكتظة، حيث تمتلك المقاومة قدرة عالية على نصب الكمائن المتتالية، ما يجعل تقدّم القوات محفوفاً بالمخاطر.

في المقابل، تؤكد فصائل المقاومة أن هذه العمليات تأتي في إطار "معركة الدفاع عن الشعب الفلسطيني ومقدساته"، والتي انطلقت منذ السابع من أكتوبر 2023، في مواجهة ما تصفه بالإبادة الجماعية والعدوان الشامل على قطاع غزة.