بعد غياب دام أكثر من عقد من الزمن عن الإعلام المصري، عاد الإعلامي الساخر باسم يوسف، الشهير بالأراجوز، إلى الأضواء مجددًا، لكن هذه المرة عبر بوابة “الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية” التابعة لجهاز المخابرات المصرية.
عودة يوسف، الذي صنع شهرته من خلال برنامجه الشهير “البرنامج” قبل أن يُوقف في 2014، أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط الإعلامية والسياسية، بين من يراها محاولة لاستغلال شهرته العالمية في مواجهة إسرائيل، وبين من يقرأها كخطوة تهدف إلى تلميع صورة النظام الحاكم وتقديم واجهة شكلية للتعددية الإعلامية.
من “البرنامج” إلى المنافي الإعلامية
كان باسم يوسف أيقونة السخرية السياسية في مصر بعد ثورة يناير، حيث جذب ملايين المشاهدين بأسلوب نقدي جريء طال رموز الحكم والإعلام. غير أن وصول عبد الفتاح السيسي إلى السلطة عام 2014 أغلق الباب أمام هذا النمط من البرامج. يوسف أعلن حينها توقف برنامجه نهائيًا قائلاً إن “المناخ لم يعد مناسبًا”. بعدها غادر إلى الولايات المتحدة، حيث ركز على مقالات صحفية ومشاركات محدودة، بعيدًا عن تقديم برنامج تلفزيوني كامل.
عودة مفاجئة.. ومقابل ضخم
المعلومات التي تسربت حول عقد يوسف الجديد أثارت عاصفة من التساؤلات، حيث تحدث إعلاميون عن حصوله على 22 مليون جنيه شهريًا (قرابة نصف مليون دولار)، مقابل ظهوره في فقرات موجهة تتناول القضية الفلسطينية، مع حظر التطرق إلى الشأن الداخلي المصري. ورغم نفي يوسف وبعض المصادر الرسمية لهذه الأرقام، فإن مجرد تداولها فتح بابًا واسعًا للجدل، خصوصًا في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعيشها المواطن المصري.
ورقة ضد إسرائيل.. أم “ديكور إعلامي”؟
الإعلاميون المقربون من السلطة أكدوا أن عودة يوسف تستهدف “مكايدة” إسرائيل، التي توترت علاقاتها مع القاهرة بعد حرب غزة المستمرة منذ عامين، خاصة أن يوسف اكتسب شهرة دولية من مناظراته الحادة مع إعلاميين إسرائيليين في القنوات الغربية.
في المقابل، اعتبر نقاد الخطوة مجرد “ديكور” لإيهام الجمهور بوجود تنوع إعلامي، بينما التحكم الكامل في المحتوى سيظل بيد الشركة المتحدة والمونتاج، بما يضمن عدم تجاوزه للخطوط الحمراء داخل مصر.
ورغم عودته عبر الإعلام المصري، سيظل يوسف بعيدًا عن القاهرة، إذ سيظهر من مقره في لوس أنجلوس عبر حلقات متقطعة، بصفته “ضيفًا” لا مذيعًا. هذا يعكس استمرار الحذر من منحه منصة كاملة كما كان سابقًا.