أقام المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية دعوى قضائية عاجلة أمام محكمة القضاء الإداري للطعن على قرار وزارة الداخلية بترحيل لاجئ فلسطيني عاش في مصر أكثر من ستة عقود، منذ أن كان رضيعًا، معتبرًا القرار "مخالفًا للدستور والقانون، ويمثل تهديدًا مباشرًا لمبدأ حماية اللاجئين".
خلفية القضية
اللاجئ الفلسطيني هاشم ع. هـ، المولود في غزة عام 1964، انتقل مع أسرته إلى القاهرة عام 1965، حيث نشأ وتعلم وتزوج وأنجب ثلاث بنات، وظل طوال حياته بلا جنسية أو وثائق سفر رسمية. وقد عرفه جيرانه وزملاؤه باعتباره واحدًا من أبناء المجتمع المصري، رغم افتقاره لوضع قانوني مستقر.
القضية تفجرت بعد أن أنهى هاشم عقوبة بالسجن مدتها خمس سنوات في قضية تتعلق بالتزوير، ليُفاجأ بصدور قرار من وزير الداخلية يقضي بترحيله إلى ماليزيا، رغم أن الأخيرة لم توافق على استقباله، كما أن عودته إلى قطاع غزة غير ممكنة في ظل الأوضاع الراهنة.
أبعاد قانونية ودستورية
المركز المصري شدد في دعواه على أن قرار الترحيل يمثل مخالفة صريحة للدستور المصري ولأحكام قانون تنظيم اللجوء الجديد رقم 164 لسنة 2024، إذ لم يُتَّبع المسار القانوني الصحيح في إسقاط صفة اللجوء عنه أو منحه حق الدفاع عن نفسه.
كما أشار المركز إلى أن القرار يتعارض مع قانون إقامة الأجانب، الذي يشترط أن يكون الإبعاد بقرار مسبب يعرض على لجنة مختصة، وهو ما لم يحدث في حالة هاشم.
خرق للاتفاقيات الدولية
الدعوى أكدت أن ما جرى يمثل انتهاكًا خطيرًا للاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951، التي تحظر إعادة اللاجئين قسرًا إلى أماكن قد يتعرضون فيها للخطر أو التهديد.
المركز أوضح أن تنفيذ القرار ستكون له تداعيات إنسانية خطيرة، أبرزها تمزيق أسرة بكاملها، إذ أن زوجة هاشم وبناته الثلاث لم يعرفن وطنًا آخر غير مصر، وهو ما يعني حرمانه من حقه في الحياة الأسرية المستقرة.
جدل واسع وانتظار للحسم
القضية أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والإعلامية، حيث اعتبرها ناشطون اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام الدولة المصرية بالقوانين المحلية والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها، بينما رأى آخرون أن القرار يعكس أزمة أعمق تتعلق بملف اللاجئين في مصر، خاصة مع صدور القانون الجديد المنظم للجوء.
من جهتها، تنتظر الأوساط الحقوقية ما ستقرره محكمة القضاء الإداري في هذه الدعوى العاجلة، وسط مطالبات بتدخل رئاسي أو وزاري سريع لوقف تنفيذ القرار إلى حين الفصل فيه قضائيًا.