في خضمّ تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، مساء الأحد، عن انقطاع التواصل مع أسيرين إسرائيليين تحتجزهما، نتيجة العمليات العسكرية العنيفة التي شنّها جيش الاحتلال خلال الساعات الـ48 الأخيرة في حيي الصبرة وتل الهوا بمدينة غزة.
وأوضحت الكتائب عبر قناتها على "تليغرام" أن الأسيرين هما عمري ميران ومتان إنغريست، مشيرةً إلى أن حياتهما باتت في "خطر حقيقي" بفعل القصف الإسرائيلي الكثيف. وطالبت القسام قوات الاحتلال بالتراجع الفوري إلى جنوب شارع 8 ووقف الطلعات الجوية لمدة 24 ساعة ابتداءً من الساعة السادسة مساءً، حتى يتسنى لها محاولة إخراج الأسيرين، مضيفة بلهجة تحذيرية: "وقد أعذر من أنذر".
رسائل تهديدية سابقة
لم يكن هذا البيان هو الأول من نوعه؛ فقبل نحو أسبوع نشرت القسام صورة للأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم، وأرفقتها بتعليق لافت يحمّل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ورئيس الأركان إيال زامير مسؤولية مصيرهم. وأطلقت الكتائب على جميع الأسرى اسم "رون أراد"، في إشارة إلى الطيار الإسرائيلي المفقود في لبنان عام 1986، وهو ما حمل دلالات رمزية حول إمكانية تكرار سيناريو الغموض الطويل الذي أحاط بمصيره.
تهديدات متصاعدة
لم تكتفِ الكتائب بالكشف عن وضع الأسرى، بل صعّدت من خطابها تجاه جيش الاحتلال، مهدّدة بإطلاق "جيش من الاستشهاديين" ونصب "آلاف الكمائن والعبوات" في وجه القوات الإسرائيلية المتوغلة. وأكدت أن غزة "لن تكون لقمة سائغة"، وأن جنود الاحتلال موعودون بـ"جحيمٍ من العبوات والمتفجرات"، معلنة أن الجرافات العسكرية الإسرائيلية ستكون "أهدافًا مميزة". كما شددت القسام على أن توسع العمليات البرية سيجعل من المستحيل استعادة أسرى الاحتلال سواء أحياء أو حتى جثثًا.
سياق إنساني مأساوي
يأتي هذا التصعيد في وقتٍ تتعرض فيه مدينة غزة لقصف متواصل وغارات جوية على مدار الساعة، إلى جانب عمليات هدم واسعة للمنازل بالقصف المدفعي والنسف الأرضي. وأدى التوغل الإسرائيلي إلى عمق المدينة المكتظة بالسكان إلى تفاقم المأساة الإنسانية، مع انهيار المستشفيات وانعدام المأوى لآلاف النازحين الذين يواجهون أوضاعًا كارثية في رحلة بحثهم عن النجاة.
وبينما يستمر العدوان بما يحمله من مجازر يومية، تكشف قضية الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى كتائب القسام عن بعدٍ إضافي في معركة الإرادات، حيث تحاول المقاومة استخدام ورقة الأسرى للضغط على حكومة نتنياهو، في وقت تتعاظم فيه الخسائر البشرية والمادية على الجانبين، وتبقى غزة شاهدة على حرب إبادة جماعية غير مسبوقة في تاريخها الحديث.