شهدت إيطاليا واحدة من أكبر موجات الإضرابات والاحتجاجات الشعبية، حيث تعطلت الحياة بشكل شبه كامل في أكثر من 75 مدينة، في خطوة وصفت بأنها ثورة إنسانية ضد الحرب على غزة وضد سياسات رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني التي تُتهم بالانحياز الكامل لتل أبيب.

 

مدن تتوقف عن الحركة تحت شعار "لنعطل كل شيء"

تحت الشعار الجامع "لنعطل كل شيء" خرج عشرات الآلاف من الإيطاليين إلى الشوارع في مختلف المدن، لتتوقف القطارات والحافلات والموانئ والمزارع والمرافق الخدمية وحتى تجمعات سائقي الدراجات النارية، في إضراب شامل أعاد إلى الأذهان صور الاحتجاجات التاريخية في أوروبا.

صور ومقاطع الفيديو التي اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي وثّقت توقف النقل العام والموانئ والسكك الحديدية، إلى جانب فعاليات طلابية في الجامعات، وسط حضور شعبي كثيف وهتافات تطالب بوقف تصدير السلاح إلى إسرائيل:

 

 

أعلام فلسطين ترفرف في قلب إيطاليا

في المقاطع المنتشرة ظهر محتجون وهم يحملون علماً فلسطينياً ضخماً يجوب الشوارع، مرددين شعارات تعتبر ما يجري في غزة "إبادة جماعية"، بينما رفع آخرون لافتات كتب عليها: "حرروا غزة، أوقفوا الإبادة".
 

 

عمال الموانئ يغلقون الطريق أمام شحنات السلاح

أحد أبرز المشاهد المؤثرة تمثل في موقف عمال الموانئ في مدينتي جنوة وليفورنو الذين أوقفوا شحنات السلاح الموجهة لإسرائيل، مما عطّل حركة السفن والعمليات اللوجستية. أما في ميلانو فقد اندلعت مواجهات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين.

هذا الموقف أثار إعجاب النشطاء الذين وصفوه بأنه "لحظة تاريخية للشعب الإيطالي" في مواجهة موقف حكومتهم اليمينية المحافظة برئاسة ميلوني.

 

غضب شعبي يتحدى حكومة ميلوني

ناشطون على المنصات الرقمية أكدوا أن ما يحدث يعكس استعداد الناس للتضحية بمصالحهم اليومية لأجل القيم الإنسانية. ورأوا أن ضغط الشارع الشعبي يمثل الرد الأقوى على الرواية الإسرائيلية والداعمين لها، وأنه قد يتحول إلى قوة تغيير سياسي داخل أوروبا.

 

 

 

مغردون آخرون اعتبروا الإضراب الشامل بداية لتحريك أوروبا لكسر صمتها تجاه جرائم الاحتلال، مشيرين إلى أن التجربة الإيطالية يمكن أن تتحول إلى نموذج يُحتذى في بقية القارة.

 

 

احتجاجات أوروبية.. وغياب عربي

المشهد كان ملهمًا للبعض ومؤلمًا للبعض الآخر؛ إذ أشار معلقون إلى أن التضامن القوي جاء من إيطاليا بينما غابت الفعاليات المؤثرة في العالم العربي والإسلامي، معتبرين أن كرة الثلج التي بدأت في إيطاليا يجب أن تكبر وتتحول إلى حراك سياسي ضاغط على حكومات أوروبا.

 

 

التوقيت.. والرسالة الأوضح

النشطاء شددوا على أن التوقيت بالغ الأهمية، إذ تتزامن المظاهرات مع محاولات إسرائيلية لتشويه أسطول الصمود المتجه إلى غزة، ومع دعوات في بعض الأوساط الغربية للعودة إلى "الحياة الطبيعية" رغم استمرار الحرب.

 

هنا جاء رد المحتجين واضحًا: "لن تعود الحياة طبيعية بينما تُباد غزة".

 

إيطاليا بين موقف الشارع وسياسة ميلوني

التعبئة الشعبية تزامنت مع نقاشات أوروبية متسارعة حول الاعتراف بدولة فلسطين، بعدما أعلنت بريطانيا وفرنسا وأستراليا وكندا اعترافها الرسمي، بينما لا تزال حكومة ميلوني ترفض الاعتراف أو تبني عقوبات ضد إسرائيل.

ميلوني التي أعلنت مرارًا "قلقها" من الهجمات الإسرائيلية، تتبنى موقفًا وصِف بالمتواطئ، وهو ما أجج مشاعر الغضب لدى الشارع الإيطالي، الذي يرى أن حكومته تفتقد إلى الحد الأدنى من الاستقلالية الأخلاقية والسياسية.

 

مشهد إنساني يدوّي في العالم

أحد النشطاء لخّص المشهد قائلاً:

"إيطاليا تتوقف عن الحركة تمامًا: إضراب شامل في 75 مدينة لأجل غزة، قطارات، حافلات، فنادق، موانئ، مزارع، مرافق خدمية، حتى مجاميع الدراجات النارية توقفوا.. فما أعظم إنسانيتهم".