تتجه حكومة الانقلاب المصرية إلى رفع أسعار الأسمدة المدعمة بنسبة 33%، لتصل أسعار الطن من 4500 جنيه إلى حوالي 6000 جنيه.
القرار جاء بعد اجتماع اللجنة الوزارية الخاصة بصناعة الأسمدة التي تضم وزراء البترول، الصناعة، الزراعة، المالية وقطاع الأعمال، في محاولة لتعويض الشركات المنتجة عن زيادة تكلفة الغاز الطبيعي المستخدم في تصنيع الأسمدة.
بالإضافة إلى ذلك، تم رفع سعر الغاز الموجه للمصانع من 4.5 إلى 5.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية وربطه بسعر اليوريا العالمي بمعادلة سعرية مرنة.
إلى جانب رفع الأسعار، تقرر تقليص حصة وزارة الزراعة من الأسمدة المدعمة من 55% إلى 37% من إجمالي الإنتاج الشهري، مما يعني خفض الكميات المقدمة للمزارعين بسعر الدعم.
رغم القرار المنتظر، حكومة الانقلاب أعلنت في وقت سابق تثبيت الأسعار لتجنب ارتفاع أسعار الغذاء لكن الدعم المالي الإضافي سيكون من وزارة المالية بمقدار 1500 جنيه لكل طن مدعم.
الأسباب الاقتصادية والبيئية
تداعيات الحرب في منطقة الشرق الأوسط، خاصة في إيران وإسرائيل، أدت إلى تعطيل إمدادات الغاز الطبيعي لمصانع الأسمدة المصرية بنسبة 50% بداية من مايو 2025، وهو ما أدى إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج.
رغم عودة ضخ الغاز الطبيعي بنسبة 100% منذ يوليو 2025، رفع أسعار الغاز للمصانع جاء لموازنة ارتفاع التكلفة وتغطية خسائر الشركات.
كذلك فرضت حكومة الانقلاب المصرية بصمة كربونية على المصانع؛ مما قلل من إنتاجها وزاد من التكاليف التشغيلية.
إقرار رفع الأسعار جاء لتعويض هذه المصاعب المالية وكذلك للاستجابة لضغوط السوق العالمية التي شهدت ارتفاعات في أسعار الأسمدة بأكثر من 30% خلال الأشهر الأخيرة.
ويضاف لذلك نقص المعروض المخصوص للدعم الحكومي للفلاحين مما يفاقم الأزمة.
أبعاد سياسية ودبلوماسية
سياسياً، القرار يضع نظام السيسي في مأزق: رفع الدعم أو تعديله تاريخياً كان سبباً لاحتقان شعبي، ذكرى "انتفاضة الخبز" 1977 مثال، وحكومة الانقلاب تدرك هذا التاريخ فأحياناً تقدم تسهيلات مالية مؤقتة أو تأجيلات لامتصاص الغضب.
على المستوى الدبلوماسي والمالي، مؤسسات دولية ودائنين يشجعون إصلاح الدعم لتحسين أوضاع المالية العامة، لكن التحرك السياسي الناعم يبرز كخطة التوازن بين متطلبات صندوق النقد الدولي وضرورة الاستقرار الاجتماعي.
احتقان مُحتمل للفلاحين
تقارير محلية تحدثت عن "غضب فلاحين" فور تسريبات أي زيادة، مع دعوات لاعتصامات أو شكوى من تآكل دخلهم، رفع سعر شيكارة اليوريا مثلاً على أساس الزيادة سيشعر به المزارع الصغير فوراً.
التاريخُ يعلّم أن تحكم الدولة بأسعار المدخلات الزراعية هو أحد الأعمدة التي تحافظ على السلام الاجتماعي في الريف؛ هدم هذا العمود بهدوء يعني تراكم مشكلات اجتماعية قد تظهر لاحقاً كمطالب اقتصادية وسياسية.
التداعيات الاجتماعية والاقتصادية على الفلاحين
رفع أسعار الأسمدة المدعمة بنسبة 33% يهدد بتكلفة زراعية أكبر للفلاحين المصريين، الذين يعانون أصلاً في ظل ارتفاع مؤشرات الفقر التي بلغت 34.3% وفق تقارير الإسكوا ومعهد التخطيط القومي، سيؤدي ارتفاع تكلفة الأسمدة إلى زيادة في تكاليف الإنتاج، مما قد يرفع أسعار الخضروات والفواكه محلياً، ويؤثر على أمن مصر الغذائي.
هذه الزيادة تأتي في وقت تعاني فيه الأسواق من نقص حاد في المعروض المدعوم، وارتفاعات غير رسمية في السوق السوداء ترفع سعر الشيكارة إلى 1300 جنيه مقارنة بسعر الدعم 250-300 جنيه، الأمر الذي يزيد العبء على المزارع ويواجه رقابة ضعيفة.
وزير الزراعة صرح أنه مع الاستمرار في هذه الظاهرة ستخلق وجود سعرين للأسمدة يزيد من فرص السوق السوداء ويعمق الأزمة الاقتصادية لكثير من المزارعين.
توترات سياسية وتصريحات منتقدة
تصريحات مسؤولين وسياسيين ونشطاء الاقتصاديين انتقدت رفع أسعار الأسمدة باعتباره قراراً كارثياً يفاقم الأزمة الزراعية والغذائية في البلاد، ويعمّق معاناة الفلاحين الطبقة الأضعف اقتصادياً.
ويُشار إلى أن هذا القرار جاء وسط ضغوط دولية وداخلية تجاه استمرار دعم قطاع يستنزف موارد الدولة في ظل أزمة اقتصادية شاملة تعاني منها مصر، وتمثل رفع الدعم على الأسمدة أحد مظاهرها.
سياسيون اقتصاديون أكدوا أن السياسة الاقتصادية الحاكمة تكرس التراجع المستمر في القطاع الزراعي الوطني، بما يهدد تحقيق الأمن الغذائي، ويرسل إشارات سلبية للاستثمار الزراعي المحلي والأجنبي، كما انتقدوا ضعف البدائل الحكومية لتحسين الإنتاج الزراعي أو التخفيف من آثار زيادة الأسعار على الفلاحين.
الإحصاءات والبيانات الهامة
- سعر طن الأسمدة المدعمة حالياً: 4500 جنيه.
- الزيادة المخطط لها: 33% لتصل حتى 6000 جنيه للطن.
- تقليص الكميات المدعمة للمزارعين من 55% إلى 37% من الإنتاج.
- رفع سعر الغاز للمصانع من 4.5 إلى 5.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية.
- 34.3 % نسبة الفقر في مصر وفق الإسكوا.
- صادرات الأسمدة المصرية بلغت 1.359 مليار دولار في النصف الأول من 2025 مع زيادة 13% على أساس سنوي.
- السوق السوداء تبيع الشيكارة المدعمة بأسعار تصل إلى 1300 جنيه في مقابل 250-300 جنيه السعر الرسمي.
النتيجة
رفع أسعار الأسمدة المدعمة بنسبة 33% هو قرار يحمل أبعاداً اقتصادية واجتماعية خطيرة تهدد القطاع الزراعي المصري وأمنه الغذائي، خاصة في ظل أزمة اقتصادية متداخلة مع زيادة الفقر.
بينما حكومة الانقلاب تبرر القرار بضرورة تعويض ارتفاع تكلفة الغاز والمصنع، فإن تداعيات القرار ستصل مباشرة إلى الفلاحين ومواطنيهم عبر ارتفاع أسعار الغذاء وتشديد أعباء الإنتاج.
هذا القرار يبرز أوجه الفشل الاقتصادي والسياسي لحكومة الانقلاب التي تعيش في دوامة رفع الأسعار وتقليص الدعم ضمن سياسات ترتكز على تحميل المواطن الفقير أعباء الأزمة دون وجود خطط حماية فعالة.
تصريحات السياسيين والاقتصاديين تؤكد هشاشة هذه السياسات وأثرها المدمر على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في مصر.